الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢٠٦
عصمة من أمرنا باتباعه، والاقتداء به في الدين.
وليس لأحد أن يقول: إنما أمرنا باتباع الإمام والاقتداء به فيما علمنا صوابه من جهة غيره فنحن نتبعه في الذي نعلمه صوابا، وإذا أخطأ في بعض الدين لم نتبعه، لأن هذا لو كان صحيحا لوجب أن لا يكون بين الإمام وبين رعيته مزية في معنى الاقتداء به والائتمام، بل اليهود والنصارى والزنادقة (1)، لأن رعية الإمام قد يوافق بعضهم بعضا في المذاهب، لأن من حيث ذهب إليه ذلك البعض الموافق، بل من حيث علم بالدليل صحته، وكذلك قد يوافق المسلمون اليهود والنصارى في القول بنبوة موسى وعيسى عليهما السلام، وتعظيمهما، وتفضيلهما لا من حيث ذهبت اليهود والنصارى إلى ذلك، ونحن نعلم أنه لا إمامة لكل هؤلاء من حيث الموافقة وإنما تكون لهم إقامة لو اتبعت أقوالهم ولزمت موافقتها من حيث قالوها، وذهبوا إليها، وإذا ثبت أن للإمام مزية في معنى الاقتداء به والائتمام على كل من ليس بإمام ثبت أن الاقتداء به واجب من حيث قال وفعل، حتى يكون قوله أو فعله حجة في صواب ذلك الفعل.
قال صاحب الكتاب: " يقال لهم: إن هذه الحدود والأحكام انما تجب إقامتها إذا كان إمام، فإذا لم يكن فلا تجب إقامة ذلك، بل لا بد من سقوط الحدود كما تسقط بالشبهات، ومن العدول في باب الأحكام إلى صلح وتراض وغير ذلك، فمن أين أنه لا بد من إمام مع إمكان ذلك؟.
فإن قالوا: نقول في ذلك كما تقولون.

(1) زنادقة وزناديق جمع زنديق - بكسر الزاي - من الثنوية أو القائل بالنور والظلمة. أو من لا يؤمن بالآخرة، أو منكر الربوبية، أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان، أو هو معرب زن دين أي دين المرأة، والتفسير الأخير طريف باعتبار التركيب.
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»