الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ٢١٧
سبيل، فكيف يمكن الاستدلال بالآية على أن كل سبيل للمؤمنين صواب يجب اتباعه، وليس لهم أن يقولوا: إنما نحمل هذه اللفظة على الجميع من لم تختص سبيلا دون سبيل، لأن ذلك تحكم، لأنه كما لم تناوله اللفظة سبيلا دون سبيل بظاهرها فلم تتناول - أيضا - بظاهرها جميع السبل، ويجب إذا فقدنا دلالة اختصاصها ببعض السبل أن نقف وننتظر البيان، ولا يجب من حيث عدمنا الاختصاص أن ندعي عمومها بغير دليل، كما لا يجب إذ عدمنا العموم فيها أن ندعي الاختصاص، واحد القولين مع فقد الدلالة كالآخر.
ومنها، أنه توعد على اتباع غير سبيلهم، وليس في ذلك على وجوب اتباع سبيلهم، فيجب أن يكون اتباع سبيلهم موقوفا على الدليل.
ومنها، على تسليم عموم المؤمنين والسبيل أن الآية لا تدل على وجوب اتباعهم في كل عصر، بل هو كالمجمل المفتقر إلى بيان فلا يصح التعلق بظاهره، وليس لأحد أن يقول: إنني أحمله على كل عصر من حيث لم يكن اللفظ مختصا بعصر دون غيره، لأن هذه الدعوى نظيرة للدعوى التي قدمناها وبينا فسادها، وليس له أن يقول: إنني أعلم عموم وجوب اتباعهم في الأعصار كلها بما علمت به وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وآله في كل عصر، فما قدح في عموم أحد الأمرين قدح في عموم الآخر. لأنا نعلم وجوب اتباع الرسول في كل عصر بظاهر الخطاب، بل بدلالة لا يمكن دفعها، فمن ادعى في عموم وجوب اتباع المؤمنين دلالة فليحضرها.
ومنها، أنه تعالى حذر من مخالفة سبيل المؤمنين وعلق الكلام بصفة من كان مؤمنا، فمن أين لخصومنا أنهم لا يخرجون عن كونهم مؤمنين.
(٢١٧)
مفاتيح البحث: الوجوب (3)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»