الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٩٩
صدق المدعي ويرجع إلى قوله في كونه نبيا أو إماما، أوليس بنبي ولا إمام، ولو لزم النفور عن النظر لأجل تجويز الناظر أن يكون من ظهر على يده العلم ليس بنبي للزم من مثله النفور إذا كان الناظر قبل نظره في المعجز مجوزا أن يكون شعبذة ومخرفة (1)، وغير دالة على الصدق، والناظر لا بد قبل نظره من أن يكون مجوزا لما ذكرناه، فإن لزمه النظر مع هذا التجويز ولم يكن منفرا له ولا مسقطا لوجوب النظر عليه فالتجويز أيضا فيمن ظهر عليه العلم أن يكون غير نبي غير منفر، ولا مسقطا لوجوب النظر، على أن من ظهر العلم على يده لا يخلو من أن يكون ممن تتعلق مصالحنا به وبمعرفته كالنبي والإمام أو لا يكون كذلك كالصالحين الذي يجوز أن يظهر عليهم المعجزات، فإن كان على الوجه الأولى فلا بد من أن يدعونا إلى النظر في علمه ويخوفنا من ترك النظر فيه بفوت مصالحنا، ولا بد من أن يلزمنا النظر مع الخوف، فإن جوزنا قبل النظر في معجزه كونه كاذبا كان هذا التجويز عند الجميع غير مؤثر في وجوب النظر، وإن كان على الوجه الثاني لم يدعنا إلى النظر في علمه ولم يلزمنا النظر فيه فقد زال الالتباس الذي تعلق به القوم، والتنفير لأن من يدعونا إلى النظر في علمه ويخوفنا بفوت مصالحنا لا يجوز أن يكون صادقا، ولا مصلحة لنا معه بل لا يخلو عندنا من أن يكون كاذبا مخرفا، أو صادقا متحملا لمصالحنا، فيلزم النظر في أمره على كل حال، وقد زال الاشتباه على ما ذكرناه بين حال من يجوز كونه متحملا لمصالحنا وبين حال الصالح، فأين التنفير عن النظر في الإعلام لولا ذهاب القوم عن الصواب؟.
ولاستقصاء الكلام في جواز إظهار المعجزات على غير الأنبياء موضع

(1) الشعبذة: الحركات السريعة التي يتخيل الرائي الأشياء على غير حقيقتها والمخرفة: فساد العقل.
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»