الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٨٤
فيقال لهم: فإذا استغني به (1) عن الإمام في هذا عن الشريعة فهلا جاز أن يستغني به في سائرها؟... " (2).
يقال له: أما المعرفة بوجود الإمام في الجملة، وصفاته المخصوصة فطريقه العقل، وليس يفتقر فيه إلى التواتر، ولا إلى القول بالإمام، وقد مضى طرف من الدلالة على هذا.
وأما العلم بأن الإمام فلان دون غيره فيحصل بالتواتر، وبقول الإمام أيضا، مع المعجز، لأن المعجز إذا دل على صدقة، وأمن من كذبه وادعائه أنه الإمام الذي احتج الله تعالى به على الخلق وجب تصديقه والتسليم لقوله، كما أن المعجز إذا دل على صدقة النبي وجب التسليم لكل ما يدعيه ويؤديه، والقطع على صدقه فيه، وهذا بخلاف ما ظننته من أن كون إماما لا يصح أن يعلم من جهته من حيث توهمت أن صدقه لا يصح أن يكون معلوما قبل إمامته.
فأما قولك: فإذا استغني به عن الإمام - وأنت تعني التواتر - فهلا جاز أن يستغنى به في سائر الشريعة،؟ فما استغني قط في التواتر عن الإمام، بل وجه الحاجة فيه إليه (3) ظاهر لأنا قد بينا أن المتواترين كان يجوز أن لا ينقلوا ذلك فلا نعلمه من جهة النقل، وبعد أن نقلوه يجوز - أيضا - أن يعدلوا عن نقله فإذا تسقط الحجة به في المستقبل، فكيف توهمت الاستغناء عن الإمام فيما نقل؟ على أنه لو سلم لك استظهارا وإيجابا لإقامة الحجة من كل وجه أن التواتر بالنص على الإمام يستغنى عنه

(1) أي بالتواتر.
(2) المغني 20 ق 1 / 71.
(3) الضمير في " فيه " للتواتر. وفي " إليه " للإمام لأنه يكون من وراء المتواترين.
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»