الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٦٣
وجوب كونه لطفا في الجميع فقد جاز على ما صرحتم به أن يكون لطفا في الكل، فكيف الجواب مع هذا التجويز عما ألزمناكموه؟.
قيل له: حكم الجواز يخالف حكم الوجوب في هذا الموضع لأن الوجوب يقتضي إثبات ما لا نهاية له من الحجج، والجواز ليس كذلك.
فإن قال: لا شك أن بين الجواز والوجوب الفرق الذي ذكرتموه، غير أنه إذا كان جائزا أن كون الإمامة لطفا في كل واجب، ومعرفة بإمام وغيره، وعلى كل وجه فلو علم الله تعالى هذا الجائز ما الذي كان يجب على قولكم؟.
قيل له: إن علم ما ذكرته لم يحسن تكليفنا لتعلقه بوجود ما لا نهاية له.
وبيان هذه الجملة: أنه تعالى إذا كلفنا بفعل الواجبات، والامتناع عن المقبحات فكنا عالمين بأن الإمامة لطف في فعل كثير مما يوجب علينا، والامتناع من كثير مما كره منا، فلو علم تعالى أن معرفتنا بالإمام الذي في إمامته لطف لنا يحتاج في معنى اللطف إلى مثل ما احتاجت إليه الأفعال التي ذكرناها حتى يكون وجود إمام آخر لطفا فيها كما كانت هي لطفا في غيرها، وكان القول في ذلك الإمام كالقول في هذا لا تصل لطفا بما لا نهاية له، ولو كان ما قدرناه في المعلوم لقبح تكليفنا ما وجود الإمام لطف فيه، وفي علمنا بأننا مكلفون بذلك دلالة على أن التقدير الذي قدرناه ليس في المعلوم، والعمدة هي الفصل بين الوجوب، والجواز، لأن الوجوب مع ثبوت التكليف يقتضي وجود ما لا نهاية له، والجواز لا يقتضي ذلك، بل يكون ثبوت التكليف مؤمنا من أن يكون في المعلوم ما يقتضي فعل ما لا يتناهى وما كان منه ينتهي إلى حد فهو مجوز لأن ثبوت التكليف لا ينافيه، وإنما ينافي ما لا يتناهى.
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»