الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١١٢
حرم تضييع إقامتها عليه مع الإمكان، وليس إقامة الإمام واختياره من فروضنا فيلزمنا إقامته. ولا نحن المخاطبون بإقامة الحدود فيلزمنا الذم بتضييعها لأنه إن ادعى ذلك كان مدعيا نفس المسألة وبعد، فإنه إنما يطلق لفظ التضييع فيما قد دل الدليل على وجوبه ولزومه دون ما هو غير واجب. وليس في إجماع الأئمة على تحريم إضاعة الحدود دلالة على ما يريده. لأن للخصم أن يقول له دل [الدليل] على أن إقامة الإمامة واجبة علينا أن نحن المخاطبون بإقامة الحدود أو لا؟ حتى يسوغ لك إجراء لفظ التضييع على ما يرتفع من الحدود عند عدم الإمام؟
وإذ كنت لم تقل ذلك لم يستقم كلامك، ولم يكن في الاجماع على تحريم إقامة الحدود متعلق لك.
وقوله: " وفيهم من قال يحرم تضييعها إذا حصل الإمام " تمويه طريف وإيهام أن فيه خلافا بين الأمة، ولا خلاف بينهم في أن إقامة الحدود لا تسوغ إضاعتها عند حصول الإمام من الإمكان لأنها من فروض الإمام وعباداته، وإنما الخلاف فيها قبل إقامة الإمام فهاهنا يحسن أن يقال: " ومنهم من قال يحرم تضييعها قبل إقامته " ولا يحسن في الأول لأنه لا خلاف فيه.
فأما قوله: " وقد صح في أنه لو كان في الزمان إمام وهو مع ذلك مغلوب أن الواجب التوصل إلى إزالة الغلبة عنه والمنع، لكي يقيم الحدود (1) الواجبة عليه فلذلك تجب إقامته، ولو لم تجب الإقامة لم يجب التوصل إلى إزالة الغلبة عنه [والاستنقاذ من الأسر، إلى غير ذلك] (2)

(1) غ " يقوم بالحدود ".
(2) الزيادة من غ.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»