الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٠٧
أن يقول: فيجب أن يكون إيجاب المسبب ليس بإيجاب للسبب، وهذا إن ارتكبتموه بأن فساد قولكم لكل أحد، وإن منعتم منه وكان وجوب السبب لأجل إيجاب المسبب إنما هو من حيث كان لا يتم المسبب إلا به فهذا قائم فيما ذكرتموه فدفعتموه من إيجاب الحدود لأنه معلوم أن إقامتها لا يمكن إلا بالأئمة وذلك أن بين السبب وإيجاب لأجل وجوب المسبب وبين إقامة الحدود وما أشبهها فرقا واضحا، والأصل فيه أن كل شئ لا يتم إلا بغيره وكان إيجابه دون إيجاب الغير الذي لا يتم إلا به جائزا لا يجب أن ما دل على وجوبه ولزومه دالا على وجوب ذلك الغير، وإن كان الشئ الذي لا يتم إلا بغيره لا يجوز إيجابه دون إيجاب الغير كان إيجابه دالا على إيجاب ذلك الغير.
فمثال الأول ما ذكرناه الزكاة والحج لأنهما لا يتمان إلا بوجود النصاب والزاد والراحلة، وغير ممتنع أن يوجبا من غير إيجاب تحصيل الزاد والراحلة والنصاب، وإقامة الحدود لاحق بهذا الوجه لأنه غير ممتنع أن يوجب على الأئمة وإن لم يجب التوصل إلى جعلهم أئمة.
ومثال الثاني: السبب والمسبب لأنه يستحيل أن يوجب المسبب بشرط حصول السبب، لأن السبب إذا حصل كان المسبب في حكم الموجود إلا أن يمنع مانع، ومحال أن يوجب على المكلف إيجاد ما هو موجود، ولا بد من هذا الوجه أن يكون في إيجابه إيجاب السبب لأنه لا يمكن فيه غير ما ذكرناه.
فأما ما ذكره من العبادات الشرعية ووجوبها لكونها ألطافا في العقليات فمعارض (1) أيضا لما تقدم مما يجوز أن يجب ولا يجب، لأن

(1) فمقارف، خ ل.
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»