الشافي في الامامة - الشريف المرتضى - ج ١ - الصفحة ١٠٠
فأما الاجماع فإنا وإن ذهبنا إلى أنه لا يجوز أن ينعقد على باطل من حيث استقر عندنا أن في جملة المجمعين معصوما فليس يجوز أن يجعل الإمام حجة قبل ثبوت وجود المعصوم. وكونه في جملة المجمعين، فمن هاهنا قلنا: إن الاجماع لا يستغنى به عن الإمام، فكيف يتوهم عاقل الاستغناء بالتواتر والاجماع عن مؤد للشريعة بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتسعة أشعار ما يحتاج إليه لا إجماع فيه، ولا تواتر به؟ ولو عول بما في الشريعة على التواتر والاجماع لوجب أن يكون ما لم يجمع عليه ولم يتواتر الخبر به ليس من الشريعة. أولا حجة علينا فيه، وكلا الأمرين فاسد.
فأما قوله: " فإن قالوا بجواز الخطأ عليهما (1) " (2) فقد بينا فساد ذلك، وبينا أيضا أن إثبات الإمام لا يصح إلا بإثبات التواتر، فهو كالفرع على صحته. ولا يصح مع بطلانه القول بإثبات الإمامة، فليس الأمر كما توهم. لأن التواتر عندنا ليس بطريق إلى إثبات أعيان الأئمة في الجملة، ووجوب وجودهم في الأعصار، بل طريق ذلك هو العقل وحجته، وإنما التواتر طريق إلى إثبات أعيان الأئمة، ولكون الإمام فلانا دون غيره، وإن كان إلى ذلك أيضا طريق آخر وهو المعجز، فكيف يظن أنه لا يصح القول بالإمامة مع بطلانه على أن ذلك مبني على توهمه إنا نبطل التواتر، وقد قدمنا أن الأمر بخلافه، وإنا وإن جوزنا أن يعرض المتواترون عن النقل لأجل ما ذكرنا فغير مجوزين على المتواترين الكذب فيما يتواترون به

(1) يعني الاجماع والتواتر وفي الأصل " عليهم " وآثرنا ما في المغني.
(2) المغني 20 ق 1 / 39.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»