لسان العرب - ابن منظور - ج ١٤ - الصفحة ٤٥٦
إليه، وأنشد للطرماح:
لها كلما صاحت صداة وركدة (* قوله كلما صاحت إلخ هكذا في الأصل، وفي التكملة: كلما ريعت إلخ).
يصف هامة إذا صاحت تصدت مرة وركدت أخرى.
وفي التنزيل العزيز: ص والقرآن ذي الذكر، قال الزجاج: من قرأ صاد بالكسر فله وجهان: أحدهما أنه هجاء موقوف فكسر لالتقاء الساكنين، والثاني أنه أمر من المصاداة على معنى صاد القرآن بعملك أي قابله. يقال: صاديته أي قابلته وعادلته، قال: والقراءة صاد بسكون الدال، وهي أكثر القراءة لأن الصاد من حروف الهجاء وتقدير سكون الوقف عليها، وقيل: معناه الصادق الله، وقيل: معناه القسم، وقيل: ص اسم السورة ولا ينصرف. أبو عمرو: وصاديت الرجل وداجيته وداريته وساترته بمعنى واحد، قال ابن أحمر يصف قدورا: ودهم تصاديها الولائد جلة، إذا جهلت أجوافها لم تحلم قال ابن بري: ومنه قول الشاعر:
صاد ذا الظعن إلى غرته، وإذا درت لبون فاحتلب (* قوله الظعن هو بالظاء المعجمة في الأصل، وفي بعض النسخ بالطاء المهملة).
وفي حديث ابن عباس: ذكر أبا بكر، رضي الله عنهما، كان والله برا تقيا لا يصادى غربه أي تدارى حدثه وتسكن، والغرب الحدة، وفي رواية: كان يصادى منه غرب، بحذف النفي، قال: وهو الأشبه لأن أبا بكر، رضي الله عنه، كانت فيه حدة يسيرة، قال أبو العباس في المصاداة: قال أهل الكوفة هي المداراة، وقال الأصمعي:
هي العناية بالشئ، وقال رجل من العرب وقد نتج ناقة له فقال لما مخضت: بت أصاديها طول ليلي، وذلك أنه كره أن يعقلها فيعنتها أو يدعها فتفرق أي تند في الأرض فيأكل الذئب ولدها، فذلك مصاداته إياها، وكذلك الراعي يصادي إبله إذا عطشت قبل تمام ظمئها يمنعها عن القرب، وقال كثير:
أيا عز، صادي القلب حتى يودني فؤادك، أو ردي علي فؤاديا وقيل في قولهم فلان يتصدى لفلان: إنه مأخوذ من اتباعه صداه أي صوته، ومنه قول آخر مأخوذ من الصدد فقلبت إحدى الدالات ياء في يتصدى، وقيل في حديث ابن عباس إنه كان يصادى منه غرب أي أصدقاؤه كانوا يحتملون حدته، قوله يصادى أي يدارى.
والمصاداة والموالاة والمداجاة والمداراة والمراماة كل هذا في معنى المداراة. وقوله تعالى: فأنت له تصدى، أي تتعرض، يقال:
تصدى له أي تعرض له، قال الشاعر:
من المتصديات بغير سوء، تسيل، إذا مشت، سيل الحباب يعني الحية، والأصل فيه الصدد وهو القرب، وأصله يتصدد فقلبت إحدى الدالات ياء. وكل ما صار قبالتك فهو صددك.
أبو عبيد عن العدبس: الصدى هو الجدجد الذي يصر بالليل أيضا، قال: والجندب أصغر من الصدى يكون في البراري، قال:
والصدى هو هذا الطائر الذي يصر بالليل ويقفز قفزانا ويطير، والناس يرونه الجندب، وإنما هو الصدى.
(٤٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»
الفهرست