وروي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: ما رأيت أحدا أقرأ من علي، صلينا خلفه فأسوى برزخا ثم رجع إليه فقرأه، ثم عاد إلى الموضع الذي كان انتهى إليه، قال الكسائي: أسوى بمعنى أسقط وأغفل. يقال: أسويت الشئ إذا تركته وأغفلته، قال الجوهري: كذا حكاه أبو عبيدة، وأنا أرى أن أصل هذا الحرف مهموز، قال أبو منصور:
أرى قول أبي عبد الرحمن في علي، رضي الله عنه، أسوى برزخا بمعنى أسقط، أصله من قولهم أسوى إذا أحدث وأصله من السوأة، وهي الدبر، فترك الهمز في الفعل، قال محمد بن المكرم: رحم الله الكسائي فإنه ذكر أن أسوى بمعنى أسقط ولم يذكر لذلك أصلا ولا تعليلا، ولقد كان ينبغي لأبي منصور، سامحه الله، أن يقتدي بالكسائي ولا يذكر لهذه اللفظة أصلا ولا اشتقاقا، وليس ذلك بأول هفواته وقلة مبالاته بنطقه، وقد تقدم في ترجمة ع م ر ما يقارب هذا، وقد أجاد ابن الأثير العبارة أيضا في هذا فقال: الإسواء في القراءة والحساب كالإشواء في الرمي أي أسقط وأغفل، والبرزخ ما بين الشيئين، قال الهروي: ويجوز أشوى، بالشين المعجمة، بمعنى أسقط، والرواية بالسين. وأسوى إذا برص، وأسوى إذا عوفي بعد علة. ويقال: نزلنا في كلإ سي، وأنبط ماء سيا أي كثيرا واسعا.
وقوله تعالى: بلى قادرين على أن نسوي بنانه، قال أي نجعلها مستوية كخف البعير ونحوه ونرفع منافعه بالأصابع (* قوله ونرفع منافعه بالأصابع عبارة الخطيب: وقال ابن عباس وأكثر المفسرين على أن نسوي بنانه أي نجعل أصابع يديه ورجليه شيئا واحدا كخف البعير فلا يمكنه أن يعمل بها شيئا ولكنا فرقنا أصابعه حتى يعمل بها ما شاء).
وسواء الجبل: ذروته، وسواء النهار: منتصفه، وليلة السواء:
ليلة أربع عشرة، وقال الأصمعي: ليلة السواء، ممدود، ليلة ثلاث عشرة وفيها يستوي القمر، وهم في هذا الأمر على سوية أي استواء.
والسوية: كساء يحشى بتمام أو ليف أو نحوه ثم يجعل على ظهر البعير، وهو من مراكب الإماء وأهل الحاجة، وقيل:
السوية كساء يحوى حول سنام البعير ثم يركب. الجوهري: السوية كساء محشو بثام ونحوه كالبرذعة، وقال عبد الله بن عنمة الضبي، والصحيح أنه لسلام بن عوية الضبي:
فازجر حمارك لا تنزع سويته، إذا يرد وقيد العير مكروب قال: والجمع سوايا، وكذلك الذي يجعل على ظهر الإبل إلا أنه كالحلقة لأجل السنام، ويسمى الحوية.
وسوى الشئ: قصده: وقصدت سوى فلان أي قصدت قصده، وقال:
ولأصرفن، سوى حذيفة، مدحتي، لفتى العشي وفارس الأحزاب وقالوا: عقلك سواك أي عزب عنك، عن ابن الأعرابي، وأنشد للحطيئة:
لن يعدموا رابحا من إرث مجدهم، ولا يبيت سواهم حلمهم عزبا وأما قوله تعالى: فقد ضل سواء السبيل، فإن سلمة روى عن الفراء أنه قال سواء السبيل قصد السبيل، وقد يكون سواء على مذهب غير كقولك أتيت سواءك، فتمد. ووقع فلان في سي رأسه وسواء رأسه أي هو مغمور في النعمة،