الربى ولا الأكولة ولا فحل الضراب واستدل عليه بموثقة سماعة الآتية قال والأصحاب قد عللوا المنع في الربى بالاضرار بولدها وجعلوا الحد في المنع من أخذها إلى خمسة عشر يوما وقيل إلى خمسين يوما ولم نجد لهذين الحدين مستندا والذي يفهم من كلام أهل اللغة أن الربي هي التي ولدت حديثا كما في الصحاح وفي النهاية أنها قريبة العهد بالولادة إنتهى وقد تعرض في مفتاح الكرامة لنقل كلمات جملة من اللغويين فقال فقال في القاموس الربي كحبلى الشاة إذا ولدت وإذا مات ولدها أيضا والحديثة النتاج وفي الصحاح هي التي ولدت حديثا وفي النهاية قريبة العهد بالولادة وعن جامع اللغة هي الشاة إذا ولدت وأتى عليها من ولادتها عشرة أيام أو بضعة عشر وعن الأزهري هي ربي ما بينها وبن شهر وعن أبي عبيدة الربي من المعز والضان وربما جاء في الإبل أيضا وفي مجمع البحرين قال هي الشاة تربي في البيت من الغنم لأجل اللبن وقيل الشاة القريبة العهد بالولادة وقيل هي الوالد ما بينها وبين خمسة عشر يوما وقيل ما بينهما وبين عشرين وقيل ما بينها وبين شهرين وخصها بعضهم بالمعز وبعضهم بالضأن وانتهى والذي يغلب على الظن إنها لغة وعرفا ما كانت قريبة العهد بالولادة وهذا معنى مقول بالتشكيك ومن هنا نشأ الاختلاف في تحديده فكان ما ذكره الأصحاب من التحديد بالخمسة عشر هو القدر المتيقن مما يطلق عليها أنها ولدت حديثا وكيف كان فمما يدل على المنع عن أخذ الربى بالمعنى المزبور موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تؤخذ الأكولة والأكول الكبيرة من الشاة تكون في الغنم ولا والدة ولا الكبش للفحل إذ الظاهر أن المراد بالوالد عن قرب وربما علل المنع عن أخذها بكونه أضرارا بالمالك أو بولدها ويؤيده ما في مجمع البحرين قال وفي حديث المصدق دع الربي والماخض والأكولة أمر المصدق أن يعد هذه الثلاثة ولا يأخذها لأنها خيار المال و لكن الظاهر كون الحديث عاميا بل في الجواهر نقله عن النهاية من حديث عمر بأدنى اختلاف في اللفظ ناش من تحريف الناسخ وكيف كان فلا باس بإيراده في مقام التأييد واستوجه في المسالك كون العلة في المنع المرض لأنها بمنزلة النفساء والنفساء مريضة ولذا لا يقام عليها الحد قال وعلى هذا لا يجزي إخراجها وإن رضي المالك انتهى أقول لا يعد هذا مرضا في العرف وعلى تقدير صدق كونها مريضة عرفا فلا دليل على منع مطلق المرض بحيث يتناول مثل ذلك عن قبولها صدقة كما لا يخفى والأولى الالتزام به من باب التعبد بظاهر الموثقة المزبورة دون مثل هذه التعليلات الغير المطردة نعم سوق الرواية يشهد بأن ذلك من باب الارفاق بالمالك فتجزي مع رضاه كما عن جماعة التصريح به بل عن ظاهر المحكي نفي الخلاف فيه خلافا لظاهر من علله بالمرض وقد عرفت ما فيه وقد ورد في صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام تفسير الربي بالتي تربي اثنين قال ليس في الأكيلة ولا في الربي والربى التي تربي اثنين ولا شاة لبن ولا فحل الغنم صدقة هكذا نقله في الجواهر وأحتمل كون التفسير من الراوي إلا أنه قال لكن عن الفقيه روايته ولا في الربي التي تربي اثنين فتعين كونه من لفظ الإمام عليه السلام وكيف كان فظاهر هذه الصحيحة عدم عد الربي بهذا المعنى من النصاب كما أن ظاهرها ذلك أيضا بالنسبة إلى الأكولة وفحل الضراب لا أنها تعد منه و لكنها لا تؤخذ في الصدقة وهو خلاف المشهور وسيأتي البحث عنه إن شاء الله وكذا لا تؤخذ الأكولة وهي السمينة المعدة للاكل ولا فحل الضراب كما يدق عليها الموثقة المتقدمة وما في الموثقة من تفسير الأكولة بالكبيرة من الشاة غير مناف لما سمعته من تفسيرها بالسمينة المعدة للاكل إذا الظاهر أن هذا المعنى هو المراد بالكبيرة المذكورة في الرواية لا الكبيرة من حيث السن كما يشهد لذلك كونها مفسرة بذلك في اللغة فعن الصحاح الأكولة الشاة التي تعزل للاكل وتسمن وفي القاموس الأكولة العاقر من الشياه والشاة تعزل للاكل وعن العلامة في المنتهى أنه علل المنع عن أخذهما بأن في تسلط الساعي على أخذهما أضرارا بالمالك فكان منفيا وبقوله عليه السلام لمصدقة إياك وكرائم أموالهم والفحل المعد للضراب من كرائم الأموال إذ لا يعد للضراب في الغالب إلا الجيد من الغنم ثم قال ولو تطوع المالك بإخراج ذلك جاز بلا خلاف لان النهي عن ذلك ينصرف إلى الساعي لتفويت المالك النفع وللارفاق به لا لعدم أجزائهما إنتهى أقول قد أشرنا أنفا إلى أن المنساق من الموثقة المزبورة الناهية عن أخذ الأكولة والوالدة وفحل الضراب بواسطة المناسبة المغروسة في الذهن إنما هو رعاية حال المالك والارفاق به كما فهمه الأصحاب فما ذكروه من أنه لو تطوع المالك بإخراجها جاز متجه لا يقال فعلى هذا لا وجه لتخصيص هذه الثلاثة بالمنع بعد ما بينا فيما سبق من أن الخيار للمالك في إخراج أيهما شاء لأنا نقول المقصود بمثل هذه النواهي بيان ما يستحقه الساعي بحيث لو أمتنع المالك عن أداء الزكاة أو كان غائبا مثلا أو أوكل الامر إليه بأن يقول له خذ ما تستحقه من غير زيادة فيستفاد من مثل هذه النواهي أنه ليس للساعي عند كون الامر موكولا إليه شرعا أو برخصة المالك أن يأخذ مثل المذكورات التي هي كرائم أموالهم فلا ينافيه كون المالك مخيرا في دفع أيها شاء ثم أنهم اختلفوا في عد الأكولة وفحل الضراب من النصاب فظاهر الأكثر كما في المدارك بل المشهور كما في الحدائق عدهما وحكي عن جمع منهم المحقق في النافع والشهيد في اللمعة والعلامة في الارشاد عدم عدهما وأختاره صريحا في الحدائق وعن المحقق الأردبيلي نفي البعد عنه لقوله عليه السلام في صحيحة عبد الرحمن المتقدمة ليس في الأكيلة ولا في الربي التي تربي اثنين ولا شاة لبن ولا فحل الغنم صدقة فإن ظاهرها عدم تعلق الزكاة بهذه الأصناف كما تقدمت الإشارة إليه وفي المدارك بعد أن استدل للقول المزبور بهذه الصحيحة قال وهي غير صريحة في المطلوب لاحتمال أن يكون المراد بنفي الصدقة فيها عدم أخذها في الصدقة لا عد تعلق الزكاة بها بل ربما تعين المصير إلى هذا الحمل لاتفاق الأصحاب ظاهرا على عد شاة اللبن والربي واستقرب الشهيد (ره) في البيان عدم عد الفحل خاصة إلا أن يكون كلها فحولا أو معظمها فيعد والمسألة محل إشكال ولا ريب في عد الجميع أولى وأحوط إنتهى واعترضه في الحدائق بأن الصحيحة وإن لم تكن صريحة كما ذكره إلا أنها ظاهرة في ذلك تمام الظهور والاستدلال لا يختص بالصريح بل كما يقع به يقع بالظاهر إلى أن قال وما أيد به هذا الحمل من قوله بعد العبارة المتقدمة بل ربما تعين المعير إلى هذا الحمل لاتفاق الأصحاب ظاهرا على عد شاة اللبن والربي ففيه أن ما ذكره من الاتفاق غير معلوم ولا مدعي في المسألة ومع فرض دعواه فأي مانع من العمل بظاهر الخبر وترجيحه على الاجماع المذكور ومع تسليم العمل به وترجيحه على الخبر فأي مانع من العمل بالخبر المذكور في الباقي
(٤٩)