إلى هذا الزمان لاتحاد المدرك في الجميع إنتهى أقول إيصاله إلى المجتهد أو وكيله بل وإلى الساعي أيضا ليس إيصالا إلى مستحقها حقيقة بل حكما فإذا جاز له أن يتولاه بنفسه وكان ذلك أوثق في نفسه من حيث الوصول إلى المستحق لا يتحقق معه صدق اسم التعدي والتفريط فيشكل إثبات الضمان حينئذ بالقواعد العامة وأما الأخبار الخاصة فلا يبعد دعوى انصرافها عن مصل الفرض وإلا فمقتضى أطلاقها عدم الضمان فيه أيضا إذ المنساق من الأهل الوارد فيها إرادة المستحق لا المتولي كما لا يخفى ولو أمهر امرأة نصابا ملكته بالعقد كما تعرفه في محله إنشاء الله فلو أقبضها إياه وحال عليه الحول في يدها مستجمعا للشروط المعتبرة في الزكاة وجب عليها الزكاة بلا إشكال لعموم أدلتها وكونه في معرض السقوط أو التشطير غير قادح في ذلك كما في الهبة وغيرها ولو طلقها قبل الدخول وبعد الحول فإن كان ذلك بعد أن أخرجت الزكاة من العين رجع عليها ونصف الباقي ونصف قيمة المخرج كما أعترف به الشهيد فيما حكي عنه وحكى عن الشيخ في المبسوط وظاهر المصنف في المعتبر أن عليها أعطاء النصف الذي هو حق الزوج موفرا من الباقي وليس لها أعطاء نصف الباقي وقيمة نصف المخرج لامكان استيفاء الزوج حقه تمامه من العين فلا مقتضى للعدول إلى القيمة وفيه إن النصف الذي يملكه الزوج بالطلاق على ما يقتضيه أدلته إنما هو نصف جميع ما فرض أي الكسر المشاع في المجموع فإذا تلف منه شئ أو أخرجه زكاة فليس ما يعادل نصف الجميع من الباقي هو نصف جميعه حقيقة وإن كان الطلاق قبل الاخراج كان له النصف موفرا وعليها حق الفقراء فيخرجه من نصيبها أو من مال أخر ولا منافاة بين ملك الزوج للنصف من جميعه واستحقاق الفقراء لعشره بسبب سابق ولو على القول بالشركة الحقيقية في الزكاة إذ لا معارضة بين الحقين فإن كل جزء يفرض منه يمكن أن يكون عشره لشخص ونصفه لاخر والباقي لثالث كما في باب المواريث وليس للزوجة إخراج الزكاة من العين بعد الطلاق قبل القسمة مع الزوج إلا بإجازته إذ ليس لأحد الشريكين التصرف في المال المشترك بغير إذن الاخر نعم يصح لها القسمة مع الزوج وإخراج الزكاة من نصيبها أو غيره فإن لها أن تتصرف في متعلق الزكاة مع التعهد بأدائها من مال أخر حتى بالبيع فضلا عن القسمة مع الشريك نعم لم تخرجها كان للساعي تتبع العين واستيفاء نصف حق الفقير من النصف المنتقل إلى الزوج بالقسمة فيرجع به على الزوجة فإن القسمة وإن كانت جائزة لكنها لم تكن مؤثرة في خلوص ما أفرز للزوج عن حق الفقير ما لم يؤد زكاتها من مال آخر كما لا يخفى وقد ظهر أيضا ما قررناه من عدم المعارضة بين الحقين إنه لا فرق في الحكم المزبور بين وقوع الطلاق قبل التمكن من الأداء أو بعده لان النصف الذي خرج عن ملك الزوجية بالطلاق الذي هو عبارة عن النصف المشاع مغاير للعشر الذي يستحقه الفقير في هذا المال فليس خروجه عن ملك الزوجة قبل التمكن من أداء الزكاة سببا لتلف شئ من مال الفقير بلا تفريط فإن عشره المشاع الذي هو متعلق حق الفقير بعد باق على حاله نظير ما لو باع مالك عين عشرها المشاع من شخص ثم باع نصفها كذلك من آخر فإن عليه الوفاء بكلا العقدين وما توهمه غير واحد من نظائر المقام من أنه بعد أن خرج عشرها من ملكه بالعقد الأول وصار ملكا لمن اشتراه فإذا باع ثانيا نصف الجميع فقد باع نصف ذلك العشر أيضا في ضمن الجميع فيقع العقد بالنسبة إلى نصف العشر فضوليا موقوفا على إجازة مالكه ضعيف إذ ليس للعشر الذي ملكه المشتري الأول امتياز حتى يتعقل الإشاعة فيه إلا باعتبار أضافته إلى من أنتقل إليه وقد تعلق العقد الثاني بالنصف المشاع من هذه العين من حيث هي من غير اعتبار أضافتها إلى مالكها والبايع حال بيعه النصف المشاع منها كان مالكا لما هو أعم من ذلك فلا مانع من أن يعمه الامر بالوفاء بعقده كما لا يخفى على المتأمل وربما علل عدم ورود النقص بعدم كون هذا أي استحقاق الزوج النصف تلفا لرجوع عوضه أي البضع إليها وهو ليس بشئ إذ البضع ليس هو عوضا عنه حقيقة فالحق ما ذكرناه من أن العشر الذي يستحقه الفقير مغاير للنصف الذي أستحقه الزوج بالطلاق فلم يتلف من حق الفقير شئ فلا حظ وتدبر هذا مع أن التمكن من الأداء شرط في الضمان لا في الوجوب فحول الحول سبب لاستحقاق الفقير من النصاب عشره والطلاق إنما يؤثر في استحقاق الزوج لنصف ما فرض على تقدير بقائه في ملك الزوجة إلى حين الطلاق وإلا فقيمته فإن فرض مزاحمة بين الحقين فهي سبب لانتقال حق الزوج إلى القيمة في مورد المزاحمة لا لتلف شئ من مال الفقير كي يقال إن تلفه قبل التمكن من الأداء وليس مضمونا على المالك بل حق الفقير باق في النصاب بحاله فلو دفعت نصفها للزوج والحال هذه وجب عليها إخراج الزكاة من النصف الباقي عندها أو من مال أخر ولو هلك النصف الباقي في يدها بعد القسمة من الزوج بتفريط منها بل مطلقا حتى مع عدم هلاكه أيضا كان للساعي أن يأخذ حقه المتعلق بالنصف الذي وصل إلى الزوج من العين التي في يده وهو نصف الزكاة لا تمامها كما يستشعر من المتن فإن الزكاة مبسوطة على جميع النصاب وليست من قبيل الكلي الخارجي الذي يتعين في ضمن ما يبقى من مصاديقه كما تقدمت الإشارة إليه وسيأتي مزيد توضيح لذلك في مسألة ما لو تلف من النصاب شئ بلا تفريط وكيف كان فما يأخذه الساعي من حقه من الزوج يرجع الزوج عليها به لأنه مضمون عليها لوجوبه في ملكها ولو كان عندها نصاب فحال عليه أحوال فإن أخرج زكاته في رأس كل سنة من غيره تكررت الزكاة فيه وإن لم يخرج من غيره وجب عليه زكاة حول واحد لعدم بقاء النصاب بعد تعلق الزكاة به في الحول الأول جامعا للشرائط أما على القول بالشركة الحقيقية فواضح لورود النقص عليه بصيرورة بعضه ملكا للفقير وأما على ما قوينا من كون حق الفقير المتعلق بالنصاب من قبيل حق المنذور له التصدق بعين بعد تنجز التكليف بدفعها إليه فلخروج ما تعلق به هذا الحق عن الطلقية التي قد عرفت اعتبارها في النصاب نعم لو قيل بتعلقها بالذمة المحضة كالدين من غير أن يكون لها تعلق بالعين ولو من قبيل حق الرهانة اتجه الالتزام بتكرر السنين ولكن لم يتحقق وجود قائل بذلك بيننا وعلى تقدير وجوده فهو فاسد كما عرفت ولو كان عنده أكثر من نصاب كانت الفريضة في النصاب ويجبر في الحول الثاني من الزائد وكذا في كل سنة حتى ينقص المال عن النصاب فلو كان عنده ست وعشرون من الإبل ومضى عليه حولان وجب عليه للحول الأول بنت مخاض فينقص النصاب ويرجع في ألسنة الثانية إلى نصاب الخمس والعشرين فيجب للثاني خمس شياه فإن مضى عليه ثلاثة أحوال وجب
(٤٦)