في كل ألف فقال إن الله جعلها خمسة وعشرين أخرج من أموال الأغنياء بقدر ما يكتفي به الفقراء الحديث وأضعف من ذلك الاستدلال له بصحيحة عبد الرحمن أبي عبد الله (ع) قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل لم يزك أبله وشاته عامين فباعها على من اشتراها أن يزكيها لما مضى قال نعم يؤخذ زكاتها ويتبع بها البايع ويؤدي زكاتها البايع فإن هذه الصحيحة على خلاف مطلوبهم أدل فإن ظاهرها صحة البيع ولزومه على تقدير أن يؤدي البايع زكاته وأن ما يؤديه البايع عين الزكاة لا بدلها فهذه الصحيحة بظاهرها تدل على أن حق الفقير المتعلق بهذا المال من قبيل حق الجناية المتعلق برقبة الجاني أو حق غرماء الميت المتعلق بتركته لا الشركة الحقيقية وإلا لكان مقتضاها توقف صحة البيع بالنسبة إلى حصة الشريك على أجازته فلم يكن يجديه أداء الزكاة بعد وقوع البيع لا من البايع ولا من المشتري ودعوى أن أداء الزكاة يقوم مقام إجازة المالك مع أنها لا تتم إلا إذا كان التأدية إلى الامام أو نائبة الوليين على المال لا إلى الفقير الذي لا يتمخض الحق له إلا بقبضه مدفوعة بأن مقتضى الإجازة انتقاله حصته من الثمن إليه زادت عن قيمة الفريضة أم نقصت لا ما يدفعه البايع أو المشتري بعنوان الزكاة ودعوى إن ما يدفعه المالك أو المشتري يقع بدلا عن الثمن قهرا مع مخالفتها الظاهر الصحيحة تحتاج إلى دليل تعبدي كما لا يخفى ويتلوه في الضعف الاستدلال له بما في حسنة بريد بن معاوية أو صحيحته الواردة في آداب المصدق قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول بعث أمير المؤمنين عليه السلام مصدقا من الكوفة إلى باديتها فقال يا عبد الله أنطلق عليك بتقوى الله إلى أن قال فإذا أتيت فلا تدخله إلا بأذنه فإن أكثره له إلى آخره وعن نهج البلاغة فيما كان يكتبه لمن يستعمله على الصدقات فإن كانت له ماشية أو أبل فلا تدخل إلا بإذنه فإن أكثرها له فإن قوله أكثرها له وإن كان ظاهره إن بعضه الذي هو مقابل الأكثر ليس له بل هو حق الله جعله في أموالهم كما يفصح عن ذلك صدر الكلام وذيله ولكن المراد بحق الله بحسب الظاهر المال الذي أمر بالتصدق به لا إنه تعالى أخرجه بالفعل عن ملك مالكه وجعله لنفسه أو للفقير كما يشهد بذلك خبر غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه (ع) قال كان علي صلوات الله عليه إذا بعث مصدقه قال له إذا أتيت على رب المال فقل تصدق رحمك الله مما أعطاك فإن ولى عنك فلا تراجعه ولو سلم ظهورهما في المدعى فليس على وجه يصلح لاثبات مثل هذا الحكم المخالف للأصول والقواعد كما ستعرف وعمدة ما يصح الاستشهاد به للشركة موثقة أبي المعزا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن الله تبارك وتعالى شرك بين الأغنياء والفقراء في الأموال فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم وخبر علي بن حمزة عن أبيه عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن الزكاة تجب علي في مواضع لا يمكنني أن أؤديها قال اعزلها فان اتجرت بها فأنت لها ضامن ولها الربح وإن نويت في حال ما عزلتها من غير أن تشغلها في تجارة فليس عليك شئ فإن لم تعزلها فاتجرت بها في جملة مالك فلها بقسطها من الربح ولا وضيعة عليها وظهور هذين الخبرين خصوصا الأخير منهما في الشركة الحقيقية غير قابل للانكار ولكن الالتزام بها مع الغض عن مخالفتها لظاهر الآية وغيرها ما عرفت يستلزم ارتكاب التخصيص في جملة من القواعد المتقنة التي ليس ارتكاب التخصيص في شئ منها بأهون من طرح هذين الخبرين فضلا عن تأويلها فإن الشركة الحقيقية مقتضاها حرمة تصرف كل من الشريكين في المال إلا بإذن صاحبه وعدم جواز الدفع من غير العين بغير رضاه وتعبية النماء للملك وكون المالك لدى التفريط بالتأخير وغيره ضامنا لمنفعة مال الشريك وإن لم يستوفها وإن يكون ضمان العين في الانعام بالقيمة لا بالمثل إلى غير ذلك من الأحكام المترتبة على الملكية الحقيقية مما لا يمكن الالتزام بشئ منها هاهنا لمخالفة كل منها لظاهر كلمات الأصحاب والاخبار أو صريحها إذ لا خلاف نصا وفتوى في أن للمالك إخراج الفريضة من غير النصاب بل دفع قيمتها في الجملة وكذا التصرف في أجزاء النصاب ما عدى مقدار الزكاة بل في جميعها حتى بإخراجه عن الملك ببيع ونحوه كما يشهد لذلك صحيحة عبد الرحمن المتقدمة الدالة على صحة بيع الإبل والغنم التي لم يزكها صاحبها عامين وإن بقي لزومه بالنسبة إلى مقدار الزكاة مراعي بأن يؤدي زكاتها البايع من مال آخر بل ظاهر هذه الصحيحة بمقتضى الاقتصار في السؤال والجواب على إخراج الزكاة من دون تعرض لنمائها مع أن الإبل والغنم في العامين لا تنفك عن النماء من مثل الولد واللبن والصوف وأجرة الإبل عدم استحقاق الفقير لها مع أن مقتضى الشركة الحقيقية ضمان الجميع وإن لم تكن مستوفاة إذ لا يتوقف الضمان على الاستيفاء كما أن ظاهر كلمات الأصحاب أيضا ذلك حيث صرحوا بأنه لو مضى عليه أحوال لم يلزمه إلا زكاة حول واحد فإن ظاهرهم الاقتصار على أصل لا زكاة كما أعترف بذلك شيخنا المرتضى (ره) ثم قال ومن هنا قال في الايضاح وأورد على الشركة عدم ملك الفقير لو نتجت الأربعون قبل أداء الزكاة وبعد الحول وظاهر كلام المورد أن اتفاقي والحكم وإن لم يثبت بهذا المقدار إلا أنه يصح مؤيدا للنص بعد تأييده بنحو كلمات الأصحاب عن التعرض لضمان النماء والمنافع عند حلول الأحوال على النصاب مع مساعدة السيرة عليه أقول وكفى شاهدا على عدم استحقاق الفقير من النصاب ما عدى فريضته شيئا من منافعها ونمائها ولو بعد مضي مدة من حين تعلق الزكاة الأخبار الواردة في بيان تكليف المصدق في كيفية أخذ الصدقات فإنها كالنص في أنه إذا دفع المالك الصدقة المفروضة في ماله وجب على المصدق قبلوه وليس له أن يطالبه بأكثر من ذلك وإنه إذا كان عنده من الإبل ما بلغت صدقته سنا كابنة لبون ولم يكن عنده ذلك السن وعنده أعلا منها بسن دفعها إلى المصدق وأخذ منه شاتين أو عشرين درهما مع أن العادة قاضية بأن يوم ورود عام الصدقات في الناحية التي كان يبعثه أمير المؤمنين عليه السلام على جمع الصدقات وكان يأمره بأن يعامل مع أهلها هذا النحو من المعاملة لم يكن أول زمان حول الحول على ملك الجميع فإن هذا مما يختلف باختلاف الاشخاص فربما كان زمان حضور الساعي متأخرا عن زمان تعلق الوجوب بالنسبة إلى كثير منهم بشهر أو شهرين أو أكثر بل قد يطول مدة جمع الصدقات شهرا أو شهرين ومن الواضح إن الإبل والبقر والغنم البالغ حد النصاب لا تخلو في يوم من نماء متصل أو منفصل فلو كان النماء مضمونا على المالك لكان على الساعي مطالبته مع الفريضة ولم يكن عليه في الغالب عند دفع الا على بسن أن يرد عليه شاتين أو عشرين درهما بل ما يبقى من العشرين درهما أو قيمة شاتين بعد وضع قسط الفريضة من النماء المتصل أو المنفصل الحاصل من حين تعلق الوجوب إلى يوم الدفع إلى الساعي وهذا مما يقطع بعدم أرادته من شئ من النصوص و
(٤٤)