شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٣ - الصفحة ٩٩
مع كونه خلاف الأصل إنما كان حملا على الثلاثي المعل، ولا ثلاثي معلا ههنا، كما بينا، ومثله في اتباع لفظ لفظا آخر في التصحيح تنبيها على كونه تابعا له في معناه قولهم: اجتوروا واعتوروا (1) واعتونوا، بمعنى تجاوروا وتعاوروا وتعاونوا، وإن لم يقصد في افتعل معنى تفاعل أعللته، نحو ارتاد (2) وأختان (3) ولما لم يعل عور وحول لما ذكرنا لم يعل فرعاه أيضا نحو أعور واستعور، وقد يعل باب فعل من العيوب نحو قوله: - 138 - * أعارت عينه أم لم تعارا * (4)
قولهم: اصيد البعير، إذا أصابه داء في رأسه فيخرج من أنفه مثل الزبد فيرفع رأسه عند ذلك.
(1) يقال: اعتور القوم الشئ، وتعوروه، وتعاوروه، إذا تداولوه بينهم.
(2) ارتاد الشئ وراده: طلبه في موضعه.
(3) اختان خان، قال الله تعالى (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم). واعلم أن افتعل من الأجوف إما أن تكون عينه ياء أو واوا، فإن كانت عينه ياء أعل: سواء أكان بمعنى التفاعل نحو استافوا وابتاعوا وامتازوا، أم لم يكن نحو أمتار الرجل واكتال واصطاد. وإن كانت عينه واوا: فإن كان بمعنى التفاعل صحت عينه نحو ما ذكره المؤلف من الأمثلة، وإن لم يكن بمعنى التفاعل أعلت عينه نحو اشتار العسل وارتاد واختال فإذا علمت هذا تبين لك أن ما ذكره المؤلف من التفصيل خاص بواوى العين.
(4) هذا عجز بيت من الوافر، وصدره قوله:
* وربت سائل عنى حفى * وهو لعمرو بن أحمر الباهلي، و " ربت " هي رب الدالة على التقليل أو التكثير وألحق بها التاء لتأنيث اللفظ، والحفى: المبادر في السؤال المستقصى له، وفى التنزيل العزيز (يسألونك كأنك حفى عنها). وقوله " أعارت عينه " هو بالعين المهملة وهو محل الاستشهاد بالبيت على أنه قد يعل باب فعل - بكسر العين - من العيوب وذلك لان عارت أصله عورت فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، والأكثر في هذا الباب والقياس المطرد هو التصحيح، ويروى في مكان هذه الكلمة " أغارت " وعليها لا شاهد فيه، وقوله " لم تعارا " هو مضارع عار الذي أعل، والألف في آخره منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة في الوقف.