أقول: اعلم أن إدغام أحد المتقاربين في الاخر في كلمة إذا لم يلبس ليس إلا في أبواب يسيرة، نحو انفعل وافتعل وتفعل وتفاعل وفنعلل، نحو امحى واسمع وازمل وادارك وهمرش (1) وأما غير ذلك فملبس لا يجوز إلا مع شدة التقارب وسكون الأول نحو ود وعدان، ومع ذلك فهو قليل، والغالب في إدغام أحد المتقاربين في الاخر إنما يكون في كلمتين وفى انفعل وافتعل وتفعل وتفاعل وفنعلل.
فنقول: المانع من إدغام أحد المتقاربين في الاخر شيئان: أحدهما اتصاف الأول بصفة ليست في الثاني، فلا يدغم الأول في الثاني إبقاء على تلك الصفة، فمن ثم لم تدغم حروف (ضوي مشفر) (2) فيما ليس فيه صفة المدغم، وجاز إدغام الواو والياء من هذه الحروف أحدهما في الاخر، لان فضيلة اللين التي في أحدهما لا تذهب بإدغامه في الاخر، إذ المدغم فيه أيضا متصف باللين، ولم تدغم حروف الصفير فيما ليس فيه صفير إلا في باب افتعل كاسمع وازان، ولا حروف الاطباق في غيرها بلا إطباق إلا في باب الافتعال نحو اطرب، وذلك لزوال المانع فيه بقلب الثاني إلى حروف الصفير وإلى حروف الاطباق، وذلك لكون الثاني زائدا فلا يستنكر تغيره، وفضيلة الضاد الاستطالة، وفضيلة الواو والياء اللين، وفضيلة الميم الغنة، وفضيلة الشين التفشي والرخاوة، فلا تدغم في الجيم مع تقاربهما في المخرج، وفضيلة الفاء التأفيف وهو صوت يخرج من الفم مع النطق بالفاء، وفضيلة الراء التكرير، وأيضا لو أدغم لكان كمضعف أدغم في غيره نحو ردد، ولا يجوز قوله " ونحو سيد ولية " اعتراض على نفسه، وذلك أنه قرر أن الواو والياء