شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٣ - الصفحة ٨٣
بانقلابها عهد قديم - كان انقلابها تاء ههنا أولى، ولا سيما (و) بعدها تاء الافتعال، وبانقلابها إليها يحصل التخفيف بالادغام فيها، والياء وإن كانت أبعد عن التاء (من الواو) وإبدالها منها أقل، كما ذكرنا، لكن شاركت الواو ههنا في لزوم التخالف لو لم تقلب، إذ كنت تقول ايتسر، وفى المبنى للمفعول أو تسر، وفى المضارع ييتسر، وفيما لم يسم فاعله يوتسر، وفى الفاعل والمفعول موتسر وموتسر، فأتبعت الياء الواو في وجوب القلب والادغام فقيل: اتسر، وأما افتعل من المهموز الفاء - نحو ائتزر وائتمن - فلا تقلب ياؤه تاء، لأنه وإن وجب قلب همزته مع همزة الوصل المكسورة ياء، وحكم حروف العلاة المنقلبة عن الهمزة انقلابا واجبا حكم حروف العلة، لا حكم الهمزة، كما تبين في موضعه، لكن لما كانت همزة الوصل لا تلزم، إذ كنت تقول نحو " قال ائتزر " فترجع الهمزة إلى أصلها، روعي أصل الهمزة، وبعض البغاددة جوز قلب يائها تاء فقال:
اتز واتسر، وقرئ شاذا (الذي اتمن أمانته) وبعض أهل الحجاز لا يلتفت إلى تخالف أبنية الفعل ياء وواوا، فيقول: ايتعد وايتسر، ويقول في المضارع: يا تعد ويا تسر، ولا يقول يوتعد وييتسر، استثقالا للواو والياء بين الياء المفتوحة والفتحة، كما في ياجل وياءس، واسم الفاعل موتعد وموتسر، والامر ايتعد وايتسر، هذا عندهم قياس مطرد قال: " وتقلب الواو ياء إذا انكسر ما قبلها، والياء واو إذا انضم ما قبلها، نحو ميزان وميقات، وموقظ وموسر " أقول: اعلم أن الواو إذا كانت ساكنة غير مدغمة وقبلها كسرة، فلا بد من قلبها ياء، سواء كانت فاء كميقات أو عينا نحو قيل (1)، وأما إذا كانت

(1) لا خلاف بين العلماء في أن أصل قيل قول - بضم القاف وكسر الواو، وقد اختلفوا في الطريق التي وصلت بها هذه الكلمة إلى ذلك، واستمع للمؤلف في شرح الكافية (ج 2 ص 251) حيث يقول: " في ما اعتل عينه من الماضي الثلاثي نحو قال وباع فيما بنى للمفعول منه ثلاث لغات: قيل وبيع باشباع كسرة الفاء - وهي أفصحها، وأصلهما قول وبيع استثقلت الكسرة على حرف العلة فحذفت عند المصنف ولم تنقل إلى ما قبلها، قال: لان النقل إنما يكون إلى الساكن دون المتحرك، فبقى قول وبيع - بياء ساكنة بعد الضمة - فبعضهم يقلب الياء واوا لضمة ما قبلها، فيقول قول ونوع، وهي أقل اللغات، والأولى قلب الضمة كسرة في اليائي فيبقى ببيع، لان تغيير الحركة أقل من تغيير الحرف، وأيضا لأنه أخف من بوع، ثم حمل " قول " عليه لأنه معتل عين مثله، فكسرت فاؤه، فانقلبت الواو الساكنة ياء. وعند الجزولي استثقلت الكسرة على الواو والياء فنقلت إلى ما قبلهما، لان الكسرة أخف من حركة ما قبلهما، وقصدهم التخفيف ما أمكن، فيجوز على هذا نقل حركة إلى متحرك بعد حذف حركته إذا كانت حركة المنقول أخف من حركة المنقول إليه، فبقى قول وبيع، فقلبت الواو الساكنة ياء كما في ميزان، قال: وبعضهم يسكن العين ولا ينقل الكسرة إلى ما قبلها، فيبقى الواو على حالها، ويقلب الياء واوا، لضمة ما قبلها، وهذه أقلها، لثقل الضمة والواو، والأولى أولى، لخفة الكسرة والياء، وقول الجزولي أقرب، لان إعلال الكلمة بالنظر إلى نفسها أولى من حملها في العلة على غيرها، والمصنف إنما اختار حذف الكسرة لاستبعاد نقل الحركة إلى متحرك، ولا بعد فيه على ما بينا " اه‍
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست