لا يدغم أحدهما في مقاربه، فكأنه قال: كيف أدغم أحدهما في الاخر في سيد ولى؟ ثم أجاب بأن قلب الواو إلى الياء لو كان للادغام لورد ذلك، لكنه إنما قلبت ياء لاستثقال اجتماعهما لا للادغام، ولهذا تقلب الواو ياء: سواء كانت أولى أو ثانية، ولو كان القلب لادغام أحد المتقاربين في الاخر لقلبت الأولى إلى الثانية فقط، كما هو القياس، ثم بعد القلب اجتمع ياءان أولاهما ساكنة فوجب الادغام، فهذا من باب إدغام المتماثلين لامن إدغام المتقاربين، وفى هذا الجواب نظر، لان القلب لو كان لمجرد استثقال اجتماعهما لقلب الواو ياء، وأولاهما متحركة كطويل وطويت، فعرفنا أن القلب من أول الأمر لأجل الادغام وذلك لان الواو والياء تقاربتا في الصفة، وهي كونهما لينتين ومجهورتين وبين الشديدة والرخوة وان لم يتقاربا في المخرج، فأدغمت إحداهما في الأخرى وقلبت الواو، وإن كانت ثانية، لان القصد التخفيف بالادغام، والواو المشددة ليست بأخف من الواو والياء كما قلنا في اذبحتودا واذبحاذه، فجعل التقارب في الصفة كالتقارب في المخرج، وجرأهم على الادغام أيضا سكون الأول وكونه بذاك عرضة للادغام، وأما فضيلة اللين فلا تذهب - كما قلنا - لان كل واحدة منهما متصفة بتلك الصفة.
قوله " وأدغمت النون في اللام " اعتراض آخر على نفسه، وذلك أن فضيلة الغنة تذهب بالادغام، وأجلب المصنف بأنها وإن كانت تذهب بالادغام لكنهم اغتفروا ذلك، لان النون نبرة: أي رفع صوت، وهذا جواب فيه نظر أيضا، لأنه إن كان الموجب للادغام النيرة فلتخف بلا إدغام كما تخفى مع القاف والكاف والدال والتاء وغيرهما، كما يجئ والحق أن يقال: إن للنون مخرجين: أحدهما في الفم، والاخر في الخيشوم إذ لابد فيها من الغنة، وإذا أردت إخراجها في حالة واحدة من المخرجين، فلا