أن أصل مستهزئين وهو مستهزئان ثبت فيه للهمز صورة، فحمل الفرع عليه في ثوبتها، وأما أصل مستهزئين في الجمع فلم يكن للهمز فيه صورة نحو مستهزءون لاجتماع الواوين فحمل الفرع عليه قوله " أو للفتح الأصلي " يعنى لم يكن في الأصل مدا، وقد ذكرنا ما عليه، وكذا قوله " للتشديد " أي: لم يكن مدا قوله " واللبس " أي: يلتبس بلم تقرى من القرى قال: " وأما الوصل فقد وصلوا الحروف وشبهها بما الحرفية، نحو إنما إلهكم إله وأينما تكن أكن وكلما أتيتني أكرمتك، بخلاف إن ما عندي حسن وأين ما وعدتني وكل ما عندي حسن، وكذلك عن ما ومن ما في الوجهين، وقد تكتبان متصلتين مطلقا لوجوب الادغام، ولم يصلوا متى، لما يلزم من تغيير الياء، ووصلوا أن الناصبة للفعل مع لا بخلاف المخففة نحو علمت أن لا يقوم، ووصلوا إن الشرطية بلا وما، نحو إلا تفعلوه وإما تخافن، وحذفت النون في الجميع، لتأكيد الاتصال، ووصلوا نحو يومئذ وحينئذ في مذهب البناء فمن ثم كتبت الهمزة ياء، وكتبوا نحو الرجل على المذهبين متصلا، لان الهمزة كالعدم، أو اختصارا للكثرة ".
أقول: قوله " الحروف وشبهها " أي: الأسماء التي فيها معنى الشرط أو الاستفهام نحو أينما وحيثما وكلما، وكان ينبغي أن يقول: بما الحرفية غير المصدرية، لان " ما " المصدرية حرفية على الأكثر ومع هذا تكتب منفصلة نحو إن ما صنعت عجب: أي صنعك عجب، وإنما كتب المصدرية منفصلة مع كونها حرفية غير مستقلة أيضا تنبيها على كونها مع ما بعدها كاسم واحد، فهي من تمام ما بعدها لا ما قبلها قوله " في الوجهين " أي: إن كان " ما " حرفا نحو عما قليل ومما خطيئاتهم