شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٣ - الصفحة ٨١
لكنه مع ذلك غير مطرد، إلا في باب افتعل، لما يجئ، نحو تراث وتجاه وتولج وتترى (1) من المواترة، والتلج (2) والتكأة (3) وتقوى من وقيت، وتوراة (4) عند البصريين فوعلة من ورى الزند، كتولج، فان كتاب الله نور
(1) قال في اللسان: " وجاءوا تترى، وتترى (الأول غير منون والثاني منون): أي متواترين، التاء مبدلة من الواو، قال ابن سيده: وليس هذا البدل قياسا، إنما هو في أشياء معلومة، ألا ترى أنك لا تقول في وزير: تزير، إنما تقيس على إبدال التاء من الواو في افتعل وما تصرف منها إذا كانت فاؤه واوا، فأن فاءه تقلب تاء وتدغم في تاء افتعل التي بعدها، وذلك نحو اتزن، وقوله تعالى:
(ثم أرسلنا رسلنا تترى) من تتابع الأشياء وبينها فجوات وفترات، لان بين كل رسولين فترة، ومن العرب من ينونها فيجعل ألفها للالحاق بمنزلة أرطى ومعزى، ومنهم من لا يصرف، يجعل ألفا للتأنيث بمنزلة ألف سكرى وغضبى، قال الأزهري:
قرأ أبو عمرو وابن كثير منونة، ووقفا بالألف، وقرأ سائر القراء تترى غير منونة " اه (2) التلج: فرخ العقاب، وهو مأخوذ من الولوج، فأصله ولج كصرد (3) التكأة - كتخمة -: العصا، وما يتكأ عليه، والرجل الكثير الاتكاء، وأصله وكأة، بدليل توكأت (4) اختلف النحويون في التوراة، فقال البصريون تاؤها بدل من الواو، وأصلها ووراة على وزن فوعلة، وذهبوا إلى أن اشتقاقها من ورى الزند، إذا أخرج النار، وذلك لان كتاب الله تعالى يهتدى به، والنار مصدر النور الذي يهتدى به، ونصر هذا المذهب أبو علي الفارسي، لان فوعلة في الكلام أكثر من تفعلة مثل الحوصلة والجوهرة والدوخلة والحوقلة، وهو مصدر قياسي لكل فعل على مثال فوعل، والحمل على الكثير أولى، وذهب قوم منهم أبو العباس المبرد إلى أن توراة تفعلة - بكسر العين - وأصلها تورية مصدر ورى - بالتضعيف - ثم نقلت حركة الياء إلى ما قبلها ثم قلبت الياء ألفا على لغة طيئ الذين يقولون: بأداة وناصاة وجاراة وتوصاة في بادية وناصية وجارية وتوصية، فصار توراة والاشتقاق عندهم كالاشتقاق عند الفريق الأول، إلا أن فعل هذا مضعف العين، وضعف النحاة هذا المذهب بأن تفعلة في الأسماء قليل، وأنت لو تدبرت ما ذكرناه لعلمت أن أبا العباس لم يحمله على القليل، إذ القليل إنما هو تفعلة من الأسماء، فأما المصادر فأكثر من أن يبلغها الحصر، وهذا الوزن قياس مطرد في مصدر فعل المضعف العين المعتل اللام كالتزكية والتعزية والتوصية ومهموز اللام كالتجزئة والتهنئة، ويأتي قليلا في صحيح اللام نحو التقدمة، ومن القليل في الأسماء التدورة وهو المكان المستدير تحيط به الجبال والتتوبة وهي اسم بمعنى التوبة، ولولا ما فيه من قلب الياء ألفا اكتفاء بجزء العلة لكان مذهبا قويا