امتنعا قصد التخفيف بالادغام وإن لم يقرب مخرج الهمزة من مخرج الواو والياء، لكنهم اقتنعوا في الادغام بأدنى مناسبة، وهو اشتراك الجميع في صفة الجهر، لاستكراههم الهمزة وانسداد سائر أبواب التخفيف كما مر، ولهذا قلبوا الثانية للادغام إلى الأولى، مع أن القياس في إدغام المتماثلين - كما يجئ في بابه - قلب الأولى إلى الثانية، لان حاملهم على الادغام مع تباعد المخرجين قصد تخفيف الهمزة المستكرهة والفرار منها، فلو قلبوا الأولى إلى الثانية لوقعوا في أكثر مما فروا منه.
قوله " في نبي وبرية " قال سيبويه: " ألزمهما أهل التحقيق البدل، قال:
وقد بلغنا أن قوما من أهل التحقيق يقولون: نبئ، وبريئة، وذلك قليل ردئ " يعنى قليل في كلام العرب ردئ فيه، لا أنه ردئ في القياس، وهي ثابتة في القراءات السبع، ومذهب سيبويه أن النبي مهموز اللام، وهو الحق، خلافا لمن قال: إنه من النباوة: أي الرفعة، وذلك لان جمعه نبآء، وإنما جمع على أنبياء - وإن كان أفعلاء جمع فعيل المعتل اللام كصفى وأصفياء وفعلاء جمع الصحيح اللام ككرماء وظرفاء - لانهم لما ألزموا واحده التخفيف صار كالمعتل اللام، نحو سخى، وكذا ألزم التخفيف في مصدره كالنبوة، وجاء في السبع النبوءة - بالهمز، ولما رأى المصنف ثبوت النبي والبريئة مهموزين في السبع حكم بأن تخفيفهما ليس بلازم، وكذا ورد في السبع النبوءة بالهمز، ومذهب سيبويه - كما ذكرناه - أن ذلك ردئ مع أنه قرئ به، ولعل القراءات السبع عنده ليست متواترة، وإلا لم يحكم برداءة ما ثبت أنه من القرآن الكريم، تعالى عنها وأما القسم الثاني: أي الواو والياء القابلتان للحركة، فالقياس فيه نقل حركة الهمزة إليهما وحذفها، وإنما لم تستثقل الضمة والكسرة على الواو والياء في قاتلوا