هكذا: اكتب ج ع ف ر، والذي يختلف فيه الحال أنك إذا نسبت الكتابة إلى لفظ على جهة المفعولية فإنه ينظر: هل يمكن كتابة مسماه، أولا، فإن لم يمكن نحو كتبت زيد ورجل، فالمراد أنك كتبت هذا اللفظ بحروف هجائه، وإن أمكن كتابة مسماه نحو كتبت الشعر والقرآن وجيم وعين وفاء وراء، فالظاهر أن المراد به مسمى اللفظ، فتريد بقولك: كتبت الشعر والبيت، أنك كتبت مثلا:
* قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل * البيت (1) وبقولك: كتبت القرآن، أنك كتبت مثلا بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، السورة، وبقولك: كتبت جيم عين فاء راء أنك كتبت جعفر، ويجوز مع القرينة أن تريد بقولك: كتبت الشعر والبيت والقرآن، أنك كتبت صورة حروف تهجى هذه الألفاظ والبحث في أن المراد باللفظ هو الاسم أو المسمى غير البحث في أن ذلك اللفظ كيف يصور في الكتابة، والمراد بقوله " الخط تصوير اللفظ بحروف هجائه " هو الثاني دون الأول قوله " إذا قصد بها المسمى " أي: حروف التهجي قوله " جيم عين فان را " لا تعرب شيئا من هذه الأسماء وإن كانت مركبة مع العامل كما في قولك: كتبت ماء، وأبصرت جيما، لئلا يظن أنك كتبت كل واحدة من هذه الأحرف الأربعة منفصلة من البواقي، ولم تكتب حروف كل واحدة، فلم تعرب الأسماء ولم تأت بواو العطف نحو اكتب جيم، وعين، وفاء، وراء، بل وصلت في اللفظ بعضها ببعض تنبيها على اتصال مسمياتها بعضها ببعض، لكونها حروف كلمة واحدة