ثم تنقسم جميع حروف التهجي قسمة مستأنفة ثلاثة أقسام: شديدة، ورخوة، وما بينهما، والحروف الشديدة (أجدك قطبت) ونعني بالشديدة ما إذا أسكنته ونطقت به لم يجر الصوت، والرخوة: ما يجرى الصوت عند النطق بها، والفرق بين الشديدة والمجهورة أن الشديدة لا يجرى الصوت عند النطق بها، بل إنك تسمع به في آن ثم ينقطع، والمجهورة لا اعتبار فيها بعدم جرى الصوت، بل الاعتبار فيها بعدم جرى النفس عند التصويت بها، وبعضهم أخرج من المجهورة: أي من حروف (ظل قو) السبعة الأحرف التي من الرخوة: أي الضاد والظاء والذال والزاي والعين والغين والياء، فيبقى منها الحروف الشديدة: (أي أجدك قطبت) وأربعة أحرف مما بين الشديدة والرخوة: أي من حروف (لم يروعنا) وهي اللام والميم والواو والنون، فيكون مجموع المجهورة عنده اثنى عشر، وهي حروف (ولمن أجدك قطبت)، وهذا القائل ظن أن الرخاوة تنافى الجهر، وليس بشئ، لان الرخاوة أن يجرى الصوت بالحرف عند إسكانه كالنبر، والجهر: رفع الصوت بالحرف: سواء جرى الصوت، أو لم يجر، وعلامته عدم حرى النفس.
وإنما اعتبر في امتحان الشديدة والرخوة إسكان الحروف لأنك لو حركتها والحركات أبعاض الواو والألف والياء فيها رخاوة ما لجرت الحركات لشدة اتصالها بالحروف الشديدة إلى شئ من الرخاوة، فلم تتبين شدتها.
وقوله في الشديدة " ما ينحصر جرى صوته عند إسكانه في مخرجه " متعلق بينحصر: أي ينحصر في مخرجه عند إسكانه، وإنما جعل حروف (لم يروعنا) بين الشديدة والرخوة لان الشديدة هي التي ينحصر الصوت في مواضعها عند الوقف، وهذه الأحرف الثمانية ينحصر الصوت في مواضعها عند الوقف، لكن تعرض لها أعراض توجب خروج الصوت من غير مواضعها، أما العين فينحصر الصوت عند مخرجه، لكن لقربه من الحاء التي هي مهموسة ينسل