والأول أولى، لأنها ضد حروف الذلاقة في المعنى، فمضادتها لها في الاسم أنسب قوله " وحروف القلقلة " إنما سميت حروف القلقلة لأنها يصحبها ضغط اللسان في مخرجها في الوقف مع شدة الصوت المتصعد من الصدر، وهذا الضغط التام يمنع خروج ذلك الصوت، فإذا أردت بيانها للمخاطب احتجت إلى قلقلة اللسان وتحريكه عن موضعه حتى يخرج صوتها فيسمع، وبعض العرب أشد صوتا كأنهم الذين يرومون الحركة في الوقف، وبعض الحروف إذا وقفت عليها خرج معها مثل النفخة ولم تنضغط ضغط الأول، وهي الظاء والذال والضاد والزاي، فإن الضاد تجد المنفذ بين الأضراس، والظاء والذال والزاي تجد منفذا من بين الثنايا وأما الحروف المهموسة فكلها تقف عليها مع نفخ لأنهن يجرين مع النفس، وبعض العرب أشد نفخا، كأنهم الذين يرومون الحركة في الوقف وبعض الحروف لا يصحبها في الوقف لا صوت كما في القلقلة، ولا نفخ كما في المهموسة، ولا شبه نفخ كما في الحروف الأربعة، وهو اللام والنون والميم والعين والغين والهمزة، أما عدم الصوت فلانه لم يتصعد من الصدر صوت يحتاج إلى إخراجه، وأيضا لم يحصل ضغط تام، وأما عدم النفخ فلان اللام والنون لا يجدان منفذا كما وجدت الحروف الأربعة بين الأسنان وذلك لأنهما ارتفعتا عن الثنايا، وكذلك الميم، لأنك تضم الشفتين بها، وأما العين والغين والهمزة فإنك لو أردت النفخ من مواضعها لم يمكن، ولا يكون شئ من النفخ والصوت في الوصل نحو أذهب زيدا، وخذهما، واحرسهما، وذلك لاتصال الحرف الثاني به فلا يبقى لا صوت ولا نفخ قوله " قد طبج " الطبج: ضرب اليد على مجوف، وإنما سمى اللام منحرفا لان اللسان ينحرف عن النطق به، ومخرجه من اللسان - أعنى طرفه - لا يتجافى عن موضعه من الحنك، وليس يخرج الصوت من ذلك المخرج،
(٢٦٣)