مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٣٣
وشم الطيب والبس صالح ثيابك وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال فإذا زالت فقم وعليك السكينة والوقار الحديث وصحيحة البزنطي المروية عن قرب الإسناد عن الرضا (ع) انه كان أبى يغتسل للجمعة عند الرواح بناء على أن يكون المراد بالرواح إلى الصلاة كما هو الظاهر دون الرواح بمعنى العشلى وكيف كان فلا اشكال في شئ مما عرفت وانما الاشكال فيما صرحوا به بل ادعى غير واحد اجماعهم عليه من انقضاء وقته بالزوال وصيرورته قضاء بعده فإنه لا يكاد يفهم ذلك من الاخبار وليس في قوله (ع) في الصحيحة المتقدمة وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال دلالة عليه لكونه مسوقا لبيان ما هو الأفضل ولا دلالة فيه على انقضاء وقته بالزوال كما لا يخفى على المتأمل في الرواية نعم ربما يستظهر كونه قضاء في اخر النهار من خبر سماعة بن مهران عن الصادق (ع) في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة أول النهار قال يقضيه اخر النهار فإن لم يجد فليقضه يوم السبت بناء على أن يكون المراد بالقضاء معناه المصطلح كما يؤيده اتحاده مع السبت وخبر عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة قال يغتسل ما بينه وبين الليل فان فاته اغتسل يوم السبت إذ لو كان وقته ممتدا إلى الغروب لم يتحقق الفوت قبل انقضاء وقته فلم يكن وقع للجواب بقوله (ع) يغتسل ما بينه وبين الليل بل يفهم من ذلك اختصاص وقته بما هو المعهود عندهم من كونه قبل الزوال وان اتيانه في ما بعد هذا الوقت انما هو بعنوان تدارك الفائت لكن لقائل ان يقول يكفي في اطلاق الفوت وصحة العبارة معهودية ايقاعه في ذلك الوقت وتوهم السائل اختصاصه به لأجل معهوديته ولا يقتضى ذلك كون وقته المضروب له أولا وبالذات في أصل الشريعة هو ذلك الوقت كي يكون ايجاده فيما بعده اتيانا للشئ في غير وقته الموظف ثم لو سلمت دلالة الروايتين كما ليس بالبعيد فلا يكفي في اثبات المطلوب أعني كون أول الزوال حدا الا بضميمة فتوى الأصحاب وغيرها من المؤيدات ولا يهمنا تحقيقه بعد ان ثبتت شرعية الغسل إلى الليل كما دلت عليها الروايتان وغيرهما إذ لا يترتب على تحقيقه اثر يعتد به الا من حيث قصد كونه قضاء أو أداء وهو مما لا يضر الاخلال به في صحة العبارة على الأظهر والأولى بل الأحوط هو الاتيان به بعد الزوال بقصد امتثال امره الواقعي المعلوم عند الله من دون تعيين كونه هو الامر الخاص المتعلق بغسل الجمعة أو الامر المتعلق بقضائه وربما يثمر أيضا فيما لو اغتسل يوم الخميس عند خوف اعواز الماء فوجد الماء يوم الجمعة بعد الزوال وقلنا بالإعادة في الوقت لافى خارجه كما سيأتي التكلم فيه وكذا يثمر عند اختصاص خوف الاعواز بما قبل الزوال دون ما بعده في جواز التقديم على احتمال لكن يشرع له في هذا الفرض تقديمه بقصد الاحتياط لرجاء المطلوبية على الأقوى كما أنه يشرع في الفرض الأول الإعادة بعد الظهر بقصد الاحتياط ورجاء بقاء وقته الواقعي فلا فائدة يعتد بها في تنقيح هذا المطلب والله العالم بحقيقة أحكامه ويجوز تعجيله يوم الخميس لمن خاف اعواز الماء على المشهور بل لم ينقل الخلاف فيه من أحد بل عن الحدائق وغيره نفى الخلاف فيه ويدل عليه الصحيح عن الحسين بن خالد عن الحسن بن موسى بن جعفر (ع) عن أمه وأم أحمد بن موسى قالتا كنا مع أبي الحسن موسى بن جعفر (ع) في البادية ونحن نريد بغداد فقال لنا يوم الخميس اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة فان الماء غدا بها قليل قالتا فاغتسلنا يوم الخميس ليوم الجمعة وفى الصحيح عن محمد بن الحسين عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال لأصحابه انكم تأتون غدا منزلا ليس فيه ماء فاغتسلوا اليوم لغد فاغتسلنا ليوم الجمعة وعن الفقه الرضوي وان كنت مسافرا وتخاف عدم الماء يوم الجمعة فاغتسل يوم الخميس وضعف الروايات منجبر بما عرفت وموردها كما هو ظاهر المتن وغيره انما هو التعجيل عند اعواز الماء وهل يلحق به مطلق الفوات كما عن جملة من الأصحاب التصريح به وجهان من الاقتصار في الحكم المخالف للأصل على مورد الثبوت ومن دعوى القطع بعدم مدخلية خصوصية اعواز الماء وإناطة الحكم بمطلق الفوات بل مطلق التعذر وكيف كان فدعوى القطع بالمناط على عهدة مدعيها وان كانت غير بعيدة فالقول بالاختصاص لمن لم يحصل له القطع بذلك هو المتعين والأولى الاتيان به ح بداعي الاحتياط ورجاء المطلوبية ثم إن ظاهر المتن وغيره بل قيل إنه المشهور شهرة كادت تكون اجماعا انما هو كفاية مطلق الخوف وظاهر المحكى عن بعض اعتبار غلبة الظن بل عن ظاهر بعض اعتبار اليأس كما هو مورد الرواية الثانية على الظاهر والأقوى هو الأول كما هو صريح الرضوي وظاهر الصحيح الأول المؤيد بالشهرة المحكية وشهادة التتبع بكفاية الخوف في الضرورات وكيف كان فالمتبادر من النصوص والفتاوى انما هو جواز التقديم عند خوف عوز الماء للغسل في وقته أداء فلا عبرة بتمكنه من الماء يوم السبت بل وكذا يوم الجمعة بعد الزوال على اشكال فيه منشأه تعليق التعجيل في الفتاوى والنصوص بالاعواز يوم الجمعة الظاهر في ارادته إلى الغروب.
دعوى انصرافها إلى إرادة اعوازه في وقته المعهود أي إلى الزوال وان لم تكن بعيدة لكنها غير خالية من التأمل هذا مع ما عرفت من أن صيرورته قضاء بعد الزوال أيضا لا يخلو عن نظر فالأولى عدم تقديمه ح الا بقصد الاحتياط كما أن الأحوط اعادته بعد الزوال عند التمكن ثم إنه قد يقال إن تعجيل الغسل يوم الخميس أفضل من قضائه ولعله للامر به في الروايتين مع ما فيه من الاستباق إلى الخيرات والله العالم ثم إن مقتضى الجمود على مورد النص انما هو التقديم يوم الخميس لكن حكى عن صريح بعض وظاهر آخرين جوازه ليلة الجمعة بل عن المصابيح دعوى الاجماع عليه وربما يوجه ذلك بانسباقه من العلة المنصوصة في الروايتين فان المتبادر إلى الذهن كون جواز التقديم يوم الخميس مسببا عن اعواز الماء يوم الجمعة من دون ان يكون لكونه في اليوم مدخلية في الحكم وفيه نظر فان العلة ليست علة الجواز التقديم مطلقا والا لدلت على جوازه ليلة الخميس أيضا بل هي علة لجوازه في يوم الخميس فالحاق ليلة الجمعة به لا يكون الا بدعوى الأولوية وتنقيح المناط لا بالدلالة اللفظية والانصاف انها ظنية لا قطعية لكن مع ذلك لا يبعد الالتزام بالالحاق
(٤٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 ... » »»