مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٢٨
عدم جوازه وهو ينافي الجواز لتحصيل امر مستحب ففيها بعد التسليم انه ان كان مستندهم في ذلك كون الانتظار به إلى هذا الحد هتكا لحرمته فلا اعتداد باجتماعهم على الحكم بل يدور الحكم مدار المستند الذي اجمعوا عليه وقد عرفت ان تحقق عنوان الهتك في كثير من الموارد فضلا عن خصوص المقام ممنوع بل عدمه محقق والشاهد عليه العرف وان كان مستندهم امر وراء ذلك فليقتصر على مورد تحقق الاجماع من عدم الانتظار به لساير التجهيزات لا للدفن في وأفضل الأمكنة ودعوى ان المستفاد من ذلك عدم جواز الانتظار به إلى هذا الحد مطلقا ولو لم يكن منافيا للاحترام غير مسموعة نعم لو ادعى مدع الاجماع على عدم الوجوب في مثل الفرض لتجهيزاته الواجبة لا عدم الجواز لم يكن بعيدا عن الصواب وهو لا ينافي المطلوب كما هو واضح ونظير هذه الدعاوى في الضعف ما قد يقال من أن المستفاد من أدلة الدفن وجوب دفن الميت مطلقا بمعنى كونه مستورا تحت الأرض الا في المدة التي لابد منها لتجهيزاته بحسب المتعارف وما نحن فيه خارج من ذلك وفيه انه لو تم ذلك لاقتضى عدم جواز النقل الموجب لتأخير الدفن مطلقا سواء كان مؤديا إلى فساد الميت أم لا وقد صرح القائل بخلافه واعترف باقتضاء الأدلة عدم الفرق بين البلد القريب والبعيد وكيف كان فلا ينبغي الاستشكال فيما هو المتعارف في هذه الاعصار من غير نكير من نقل الأموات من البلاد النائية إلى المشاهد المشرفة المستلزم لتغيير الميت وفساده كما يؤيده مضافا إلى فحوى الاخبار الآتية الدالة على جواز نقل العظام بعد الدفن خبر اليماني فان النقل من اليمن إلى الغري يستلزم التغيير بحسب العادة والله العالم ويكره ان يستند إلى القبر أو يمشى عليه أو يجلس اجماعا كما عن غير واحد نقله ويدل على كراهة الجلوس مضافا إلى ذلك قول الكاظم (ع) في رواية علي بن جعفر المتقدمة لا يصلح البناء على القبر ولا الجلوس عليه والمرسل عن النبي (ع) لان يجلس أحدكم على جمر فتحرق ثيابه فتصل النار إلى بدنه أحب إلى من أن يجلس على قبر ويدل على كراهة المشي عليه ما ارسله في كشف اللثام عنه (ع) لان امشي على جمرة أو سيف أو خصف نعلي برجلي أحب إلى من أن امشي على قبر مسلم لكن ينافيها ما ارسله الصدوق عن الكاظم (ع) إذا دخلت المقابر فطاء القبور فطاء القبور فمن كان مؤمنا استروح ومن كان منافقا وجد المه ويمكن تنزيله مع مخالفته لما عرفت على مورد الحاجة إلى دخول المقابر للدفن أو لزيادة بعضهم ولم يتمكن الوصول إلى المقصود الا بذلك وكيف كان فالأولى والأنسب بتعظيم الميت ما عرفت والله العالم الخامس من الأحكام المتعلقة بالأموات في اللواحق وهى مسائل اربع الأولى لا يجوز نبش القبور بلا خلاف فيه بل اجماعا كما عن جماعة نقله بل عن المعتبر وغيره دعوى اجماع المسلمين عليه وكفى بالاجماعات المحكية المعتضدة بعدم نقل الخلاف ومعروفية الحكم لدى المتشرعة قديما وحديثا دليلا للحكم واستدل له أيضا بأنه مثلة بالميت وهتك له ومقتضاه مسلمية حرمة المثلة وهتك حرمته ولعله كذلك كما يشهد له ما دل على أن حرمته ميتا كحرمته حيا فكما لا يجوز هتك حرمة الحي كذلك لا يجوز هتك حرمة الميت فلا ينبغي الارتياب فيه في الجملة وقد استثنى من ذلك مواضع منها ما لو دفن في ارض مغصوبة فلمالكها اخراجه وتفريغ ارضه ومنها ما لو كفن بكفن مغصوب فلمالكه نبش الأرض واخذ كفنه ومنها ما لو وقع في القبر ماله قيمة فإنه يجوز لمالكه نبشه لاخذه ولا يجب على المالك قبول القيمة في شئ من الصور فان الناس مسلطون على أموالهم وقد ناقش في هذه الفروع بعض متأخري المتأخرين لولا أن ظاهرهم الاتفاق عليها نظرا إلى معارضته حرمة الحي وحقه بحرمة الميت التي هي كحرمته فزعم أن المتجه ح بعد مراعاة الميزان في الحرمتين وفرض التساوي فيهما الجمع بين الحقين ببذل القيمة ولو من تركة الميت أو من ثلثه أو من بيت المال وفيه ان قاعدة نفى الضرر وسلطنة الناس على أموالهم القاضيتان في المقام بما عرفت مما لا يزاحمها شئ من العمومات المثبتة للتكاليف فما ظنك بمثل المقام الذي ليس لنا في الحقيقة دليل يعتد به الا الاجماع على حرمة هتك الميت بنبش قبره المعلوم عدم انعقاده الا على حرمة النبش ما لم يكن في تركه مفسدة من تضييع حق الغير أو ماله أو فوت واجب ونحوه واما ما دل على أن حرمته ميتا كحرمته حيا فلا يصلح دليلا لاثبات الحرمة في مثل الفرض إذ لا نسلم ثبوتها في المشبه به في مثل هذا الموارد فضلا عن المشبه هو واضح ومن هنا استثنى غير واحد من الأصحاب جواز النبش للشهادة على عينه ليضمن المال المتلف أو لقسمة ميراثه واعتداد زوجته وغيرها من المواقع التي يكون تركه مفوتا لحق الغير واستثنى في محكى المنتهى نبشه لتدارك غسله لو دفن بلا غسل محافظة على الواجب الذي يمكن تداركه ويمكن الخدشة في ذلك بدعوى انصراف ما دل على وجوب الغسل والكفن ونحوه عما لو استلزم هتك حرمة الميت بنبش قبره فليتأمل فمقتضى التحقيق ان ما دل على حرمة نبش القبر بنفسه لا يصلح دليلا لصرف شئ من العمومات أو الاطلاقات المثبتة للتكاليف الواجبة أو المحرمة نعم ربما يكون نفس تلك العمومات والاطلاقات بنفسها أو بواسطة بعض المناسبات المغروسة في الذهن منصرفة في مثل الفرض والله العالم ولو دفن المالك ميتا في ارضه بطيب نفسه أو دفن باذنه ليس له نبشه ونقله لصيرورة الميت بعد دفنه بحق ذا حق لكون نبشه ونقله توهينا له وهتكا لحرمته فيكون ضررا عليه بما روى نظير ما لو غرس شجرة في ملكه باذنه فإنه ليس للمالك قلعها بل لو لم نقل بصيرورة الميت ذا حق أيضا لا يجوز بعد نهى الشارع عن نبش القبور لورود هذا النهى على قاعدة السلطنة بعد تحقق الاذن فان اذن المالك بدفن الميت الذي يستعقبه حكم الشارع بحرمة نبشه اقدام منه عليه فلا ينافي سلطنة ودعوى ان عمدة مستند حرمة النبش هي الاجماع والقدر المتيقن من معقده غير مثل الفرض غير مسموعة لما أشرنا إليه من أن القدر المتيقن منه انما هو حرمة هتك الميت بنبش قبره ما لم يكن تركه موجبا لتضييع حق الغير أو تفويت تكليف شرعي وقد
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»