منكر لنكير انصرف بنا عن هذا فقد لقن حجته ورواية علي بن إبراهيم عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي ان يتخلف عند قبر الميت أولى الناس به بعد انصراف الناس عنه ويقبض على التراب بكفيه ويلقنه برفيع صوته فإذا فعل ذلك كفى الميت المسألة في قبره والظاهر عدم العبرة بخصوص الألفاظ الواردة وجواز الاجتزاء بكل ما يؤدى مؤديها إذ المقصود بالتلقين على الظاهر ليس الا تذكرة العهود السابقة والعقائد الحقة التي يسئل عنها بل لو قيل بأولوية تلقين كل شخص بلسانه الذي كان يفهمه حال حياته لكان وجها وان كان الأوجه أولوية الألفاظ المأثورة حتى لمن لم يكن يعقلها حال حياته لانتقال الميت إلى عالم آخر لا يختلف عليه الحال باختلاف الألسن على الظاهر والله العالم والظاهر عدم كون ساير الخصوصيات المذكورة في الروايتين عدا انفراد الملقن الذي تطابقت النصوص والفتاوى على اعتباره كوضع الفم عند رأسه و كونه بأرفع صوته وقبضه على التراب من مقومات موضوع التلقين بل هي من قبيل الفضل والاستحباب وكونه من الولي أيضا لا يبعد ان يكون كك كما يستشم من رواية يحيى بن عبد الله المتقدمة ويشهد له اطلاق رواية جابر بن يزيد عن أبي جعفر (ع) قال ما على أحدكم إذا دفن ميته وانصرف عن قبره ان يتخلف عند قبره ثم يقول يا فلان بن فلان أنت على العهد الذي عهدناك به من شهادة ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله وان عليا أمير المؤمنين وفلان وفلان حتى يأتي على آخرهم فإذا فعل ذلك قال أحد الملكين لصاحبه قد كفينا الوصول إليه ومسئلتنا إياه فإنه قد لقنه حجته فينصرفان عنه ولا يدخلان إليه ودعوى ان المتبادر من إضافة الميت إليه هو خصوص الولي ممنوعة فان المتبادر من الإضافة في مثل المقام ليس الا ارادته بأدنى ملابسة وقد أشرنا مرارا انه لا يراعى في مثل هذه الموارد قاعدة الاطلاق والتقييد بل يؤخذ باطلاق المطلق ويحمل المقيد على كونه أفضل الافراد فالأظهر جوازه من كل أحد وكونه من الولي أفضل ومراعاة ساير الخصوصيات تزيده فضلا والله العالم ومنها ما عن مصباح الكفعمي من الصلاة ليلة الدفن قال صلاة الهدية ليلة الدفن ركعتان في الأولى الحمد وآية الكرسي وفى الثانية الحمد والقدر عشرا فإذا سلم قال اللهم صل على محمد وال محمد وابعث ثوابها إلى قبر فلان قال وفى رواية أخرى بعد الحمد التوحيد مرتين في الأولى وفى الثانية ألهاكم التكاثر عشرا ثم الدعاء المذكور انتهى وفى صحة الاستيجار عليها كما هو المتعارف في هذه الاعصار اشكال يأتي البحث عنه في كتاب الصلاة انشاء الله والتعزية مستحبة وقد تظافرت الاخبار في فضلها وزيادة اجرها حتى أنه روي بعدة طرق عن أبي عبد الله (ع) أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من عزى مصابا كان له مثل اجره من غير أن ينتقص من اجر المصاب شئ وفى عدة روايات عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه عن ابائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال قال رسول الله من عزى حزينا كسى في الموقف حلة يجز بها وعنه أيضا عن أبيه عن ابائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال التعزية تورث الجنة ويتأكد استحبابها بالنسبة إلى الثكلى [قد روي عن أمير المؤمنين (ع) من عزى الثكلى] أظله الله [تع] في ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله وعن أبي جعفر (ع) قال كان فيما ناجى به موسى (ع) ربه قال يا رب ما لمن عزى الثكلى قال أظله في ظل يوم لا ظل الا ظلي وهى جايزة اي مستحبة قبل الدفن وبعده باجماع منا كما ادعى نقله مستفيضا بل متواترا بل ومن غيرنا أيضا عدا ما حكى عن الثوري فكرهما بعد الدفن لأنه خاتمة امر الميت وفيه مالا يخفى وعن ابن البراج منا أيضا ما يقرب من المحكى عن الثوري ولا شبهه في فساده بعد مخالفته للاجماع وما يقتضيه اطلاقات الاخبار المعتضدة بشهادة العقل مضافا إلى خصوص ما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن ومرسلة محمد بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال التعزية الواجبة بعد الدفن ورواه الصدوق مرسلا عن الصادق (ع) قال قال الصادق عليه السلام التعزية الواجبة بعد الدفن وقال كفاك من التعزية ان يراك صاحب المصيبة ومقتضاها كونها بعد الدفن أفضل ولذا صرح غير واحد بأنه يتأكد استحبابها بعد الدفن وليس للتعزية كيفية موظفة بل تتأدى السنة بمطلق ما يتعزى به أهل المصيبة بل قد سمعت التصريح في مرسلة الصدوق بأنه يكفي من التعزية ان يراه صاحبها لكن الأولى والأفضل ان يعز به بكونه من قضاء الله وان ما أعده من الاجر خير له مما اخذ منه وان الله تعالى انما يأخذ من الولد وغيره أزكى ما عند أهله ليعظم به اجر المصاب كما يدل عليه بعض الروايات وان يدعو له بان يعظم الله اجره وان يعجل الله عليه بالخلف الصالح وان يترحم على موتاه إلى غير ذلك من الفقرات المأثورة عن الأئمة عليه السلام في تعزية أصحابهم وأشباهها مما يوجب الرضا بالمصيبة والصبر عليها وليس الاستحباب التعزية مدة محدودة بل يستحب مطلقا ما دام بقاء الصدق عرفا اللهم الا ان يعرضها الكراهة لأجل الجهات الطارية كما لو كانت التعزية موجبة لتذكر المصيبة وزيادة حزن أهلها ونحو ذلك واما رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ليس التعزية الا عند القبر ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت فلا يبعد ان يكون المراد بها نفى استحباب البقاء عند القبر بعد الدفن لا نفى استحباب التعزية بعده مطلقا وكيف كان فلابد من حمل هذه الرواية على مالا ينافي ما تقدم أورد علمها إلى أهله والله العالم ثم إنه قد تعارف في هذه الاعصار جلوس أهل المصيبة واجتماعهم أياما ثلاثة أو أقل وأكثر لإقامة العزى ورود المعزين عليهم وقد يستشعر من بعض الروايات كون الامر كذلك من الصدر الأول مثل ما رواه زرارة وغيره قال أوصى أبو جعفر (ع) بثمان مأة درهم لمأتمه وكان يرى ذلك من السنة لان رسول الله (ع) قال اتخذوا لآل جعفر طعاما فقد شغلوا إلى غير ذلك من الروايات المشعرة بذلك لكنه مع ذلك لم يثبت استحباب الكيفية المتعارفة بعنوانه المخصوص به وان استحب للواردين الورود عليهم بقصد التعزية وغيرها من العناوين الراجحة كما أنه استحب لهم ذلك
(٤٢٥)