الجنازة إلى مكانه الأول فيبتدى بالدورة الثانية كي يتم التشبيه بالنسبة إلى الكف التحتاني من الكفين فيكون المقصود بذلك على هذا التقدير التحرز عن استقبال الجنازة كما يصنعه العامة على ما في الخبر السابق وكيف كان فهذه الروايات كادت تكون صريحة في الترتيب المذكور ومما يدل على عكس هذا الترتيب صحيحة ابن أبي يعفور المحكية عن جامع البزنطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال السنة ان تستقبل الجنازة من جانبها الأيمن وهو مما يلي يسارك ثم تصير إلى مؤخره وتدور عليه حتى ترجع إلى مقدمته وهذه الصحيحة كما تريها كادت تكون صريحة في العكس وما ذكره بعض في توجيهها بحيث ارجعها إلى المعنى الأول كاد ان يكون مما يعلم بعدم ارادته من الرواية ويدل عليه أيضا رواية العلاء بن سبابة عن أبي عبد الله (ع) قال تبدء في حمل السرير من الجانب الأيمن ثم تمر من خلفه إلى الجانب الآخر ثم تمر حتى ترجع إلى المقدم كذلك دوران الرحى عليه لكن هذه الرواية غير أبية عن التأويل إذ لا يبعد ان يكون المراد بالجانب الأيمن من الميت لا سريره وان كان الظاهر خلافه والأقوى في المسألة التخيير بين الكيفيتين إذ لا معارضة في المستحبات فان ما يدل على استحباب البدئة من يسار السرير لا ينافي استحباب عكسه أيضا فلا مقتضى لتأويل شئ من الروايات فضلا عن طرحها غاية الأمر ان مقتضى استحباب كل من الكيفيتين كون المكلف مخيرا في ايجادهما بحكم العقل ولا ضير فيه وحيث إن المراد باستحباب كل من الكيفيتين أفضلية اختياره في امتثال الامر بالتربيع الذي عرفت استحبابه مطلقا يكون أفضليته بالإضافة إلى ما عدا عكسه من صور التربيع والله العالم * (ومنها) * ان يعلم المؤمنون بموت المؤمن ففي صحيحة ابن سنان أو حسنته عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي الأولياء الميت منكم ان يؤذنوا اخوان الميت بموته فيشهدون جنازته ويصلون عليه ويستغفرون له فيكتب لهم الاجر ويكتب للميت الاستغفار ويكتسب هو الاجر وفيهم وفيما اكتسب لميتهم من الاستغفار وخبر ذريح المحاربي عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته الجنازة يؤذن بها الناس قال نعم ومرسلة القاسم بن محمد عن أبي عبد الله (ع) قال إن الجنازة يؤذن بها الناس ومنها ان يقول المشاهد للجنازة حامدا لله تعالى على ما أنعم به من الحياة ما قاله علي بن الحسين عليهما السلام فيما رواه أبو حمزة قال كان علي بن الحسين (ع) إذا رأى جنازة قد أقبلت قال الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم قيل السواد يطلق تارة على الشخص وأخرى على عامة الناس والمخترم الهالك والمستأصل والمراد به على الظاهر اظهار الشكر لله تعالى حيث أحياه ولم يجعله من الأموات ولا ينافيه حب لقاء الله تعالى ضرورة ان مثل هذه المحبة لا يقتضى كفران نعمة الحياة التي لا يماثلها نعمة التي بها يستعد إلى اللقاء على وجه محبوب ويستحب أيضا ان يقول ما في خبر عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من استقبل جنازة أو رآها فقال الله أكبر هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله اللهم زدنا ايمانا وتسليما الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت لم يبقى ملك في السماء الا بكى رحمة لصوته وان يقول عند حمله للجنازة ما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الجنازة إذا حملت كيف يقول الذي يحملها قال يقول بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وال محمد اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات و * (منها) * ان توضع الجنازة على الأرض إذا وصل إلى القبر كما يدل عليه جملة من الاخبار منها صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله صلى الله عليه وآله قال ينبغي ان يوضع الميت دون القبر هنيئة ثم رواه وخبر يونس قال حديث سمعته من أبى الحسن موسى (ع) ما ذكرته وانا في بيت الا ضاق على يقول إذا اتيت بالميت إلى شفير القبر فامهله ساعة فإنه يأخذ أهبته للسؤال وينبغي ان يكون ذلك أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة ففي خبر محمد بن عطية قال إذا اتيت بأخيك إلى القبر فلا تفدحه به ضعه أسفل من القبر بذراعين أو ثلاثة حتى يأخذ أهبته ثم ضعه في لحده وخبر محمد بن عجلان قال سمعت صادقا يصدق على الله في الوسائل يعنى أبا عبد الله (ع) قال إذا جئت بالميت إلى قبره فلا تفدحه بقبره ولكن ضعه دون قبره بذراعين أو ثلاثة أذرع ودعه حتى يتأهب للقبر ولا تفدحه به وخبره الاخر قال قال أبو عبد الله (ع) لا تفدح ميتك بالقبر ولكن ضعه أسفل منه بذراعين أو ثلاثة ودعه يأخذ أهبته والمراد بأسفل القبر على الظاهر مما يلي رجليه كما أفتى به الأصحاب بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه ويؤيده ما روى مستفيضا ان لكل بيت بابا وان باب القبر من الرجلين كما يؤيده أيضا خبر أبي مريم الأنصاري قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول كفن رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قال فسئلته أين وضع السرير فقال عند رجل القبر وسل سلا وكذلك يؤيده رواية الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا اتيت بالميت القبر فسله من قبل رجليه وخبر محمد بن مسلم قال سئلت أحدهما عن الميت قال تسله من قبل الرجلين الحديث ورواية عبد الرحمن بن سبابه عن أبي عبد الله (ع) قال سل الميت سلا وخبر الأعمش المروى عن الخصال عن جعفر بن محمد (ع) في حديث شرايع الدين قال والميت يسل من قبل رجليه سلا والمرأة تؤخذ بالعرض من قبل اللحد ويستفاد من هذه الرواية مغايرة حكم المرأة للرجل فإنها لا تدخل من قبل الرجلين بل توضع القبر من قبل اللحد وربما يستشم من ذلك اختصاص الحكم التقدم أعني وضع الميت مما يلي رجليه بالرجل واما المرأة فتوضع على جانب القبر على وجه تطرح فيه عند نقلها إليه عرضا ويستشم ذلك أيضا مما حكى عن الفقه الرضوي قال وإذ كان امرأة فخذها بالعرض من قبل اللحد وتأخذ الرجل من قبل رجليه تسله سلا بل ادعى بعضهم كصاحب الحدائق وغيره ظهور الروايتين في ذلك بل وفى كون وضعها مما يلي القبلة لان اللحد انما يكون في القبلة وجعل هاتين الروايتين مستند الأصحاب في حكمهم بان المرأة توضع على الأرض مما يلي القبلة من غير خلاف يعرف بل عن الغنية وظاهر المنتهى والتذكرة والنهاية الاجماع عليه ولا يبعد الاكتفاء
(٤١٧)