ومن الفروض ان يضجعه على جانبه الأيمن مستقبل القبلة كما نص عليه جماعة بل عن الغنية دعوى الاجماع عليه وعن شرح الجمل للقاضي نفى الخلاف فيه ويدل عليه مضافا إلى الاجماع المحكى المعتضد بالشهرة المحققة وباستقرار سيرة المتشرعة على الالتزام به صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله قال كان البراء بن مغرور الأنصاري بالمدينة وكان ورسول الله صلى الله عليه وآله بمكة وانه حضره الموت وكان رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون يصلون إلى بيت المقدس فأوصى البراء إذا دفن ان يجعل وجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى القبلة فجرت به السنة الحديث والمتبادر من السنة في مثل المقام هي الطريقة الثابتة لا الاستحباب وقصورها عن إفادة تمام المدعى أعني اضجاعه على جانبه الأيمن غير ضائر بعد معهوديته لدى المتشرعة حيث يستكشف ما جرت به السنة من سيرة المتشرعة فليتأمل ورواية العلا بن سبابة في حديث القتيل الذي اتى برأسه إذا أنت صرت إلى القبر تناولته مع الجسد وأدخلته اللحد ووجهته للقبلة الحديث وخبر دعائم الاسلام عن علي (ع) انه شهد رسول الله صلى الله عليه وآله جنازة رجل من بنى عبد المطلب فلما أنزلوه في قبره قال أضجعوه في لحده على جنبه الأيمن مستقبل القبلة ولا تكنوه لوجهه ولا تلقوه لظهره وعن الفقه الرضوي ضعه في لحده على يمينه مستقبل القبلة وضعف سنده مجبور بما عرفت فإنه يورث الوثوق بكون مضمونه متن رواية مقبولة فما عن ظاهر ابن حمزة في وسيلته من استحبابه اعتمادا على الأصل أو ظهور لفظ السنة في الصحيحة فيه ضعيف ويتلوه في الضعف ما عن جامع ابن سعيد من استحباب كونه على جانبه الأيمن قال في محكى الجامع والواجب دفنه مستقبل القبلة والسنة ان يكون رجلا شرقيا ورأسه غربيا انتهى والأظهر ما عرفت من وجوب ما جرت به السنة واستقر عليه سيرة المتشرعة من دفن كل ميت يجب دفنه مستقبل القبلة على جانبه الا ان يكون الميت امرأة غير مسلمة ذمية كانت أم غيرها حاملا من مسلم فيستدبر بها القبلة ليكون الجنين وجهه إليها فإنه هو المقصود بالدفن أصالة ولا حرمة لامه كي يجب دفنها الا بالتبع فهي بمنزلة الوعاء للجنين غير ملحوظة بذاتها ولذا يجوز دفنها في مقابر المسلمين كما صرح به غير واحد بل عن الخلاف دعوى الاجماع عليه وعن التذكرة نسبته إلى علمائنا ولا يجوز دفنها في مقابر الكفار لكونه توهينا بالولد الذي يجزى عليه أحكام المسلمين وتوهم وجوب شق بطنها واخراج الولد منها ودفنه مع المسلمين مدفوع بقصور ما دل على المنع من دفن الكفار مع المسلمين عن اقتضاء مثل ذلك بمعنى قصوره عن شمول مثل الفرض خصوصا مع امكان ان يقال بكونه منافيا للاحترام الولد هذا مع ما في خبر يونس من التصريح بخلافه قال سئلت الرضا (ع) عن الرجل تكون له الجارية اليهودية والنصرانية فيواقعها فتحمل ثم يدعوها إلى أن تسليم فتأبى عليه فدنى ولادتها فماتت وهى تطلق والولد في بطنها ومات الولد أيدفن معها على النصرانية أو يخرج منها ويدفن على فطرة الاسلام فكتب (ع) يدفن معها واما السنن فمنها ان يحفر القبر قدر القامة أو إلى الترقوة كما صرح به المصنف وغيره بل عن التذكرة كظاهر غير واحد دعوى الاجماع عليه ففي مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن الصادق (ع) قال حد القبر إلى الترقوة وقال بعضهم إلى الثدي وقال بعضهم قامة الرجل حتى يمد الثوب على رأس من في القبر واما اللحد فبقدر ما يمكن فيه الجلوس قال ولما حضر علي بن الحسين (ع) الوفاة قال احفروا لي حتى تبلغوا الرشح والمراد بالبعض على الظاهر بعض أصحابه حاكيا عن الأئمة عليهم السلام كما يشهد له ما رواه الكليني عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد قال وروى أصحابنا ان حد القبر وذكر نحوه لكن قد ينافيه ان الصدوق روى مرسلا عن الصادق (ع) نحوه إلى قوله الجلوس وكيف كان فما في الكافي مع اعتضاده بفتوى الأصحاب ونقل اجماعهم الكاشفين عن ورود رواية مقبولة لدى الأصحاب يكفي في اثبات المطلوب خصوصا بعد البناء على المسامحة ولا ينافيه ما سمعت من امر علي بن الحسين (ع) بالحفر إلى الرشح إذ لعل بلوغه ذلك في ارض البقيع التي دفن صلوات الله عليه يحصل بالمقدار المزبور يحتمل ان يكون ذلك في حد ذاته حدا مستقلا وان لم يتعرض لذكره الأصحاب واما ما رواه أبو الصلت الهروي عن الرضا (ع) حديث أنه قال سيحفر لي في هذا الموضع فتأمرهم ان يحفروا لي سبع مراقي إلى أسفل وان يشق لي ضريحة فان أبوا الا ان يلحدوا فتأمرهم ان يجعلوا اللحد ذراعين وشبرا فان الله سيوسعه ما يشاء فلعله كان لعلة مخصوصة بمورده لا استحباب هذا الحد بالخصوص عموما وان احتمل ذلك أيضا بان يكون أفضل الافراد لكن ينافيه على هذا التقدير ما رواه السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله نهى ان يعمق القبر فوق ثلاثة أذرع كما أنه ينافي التحديد بالقامة أيضا فان الثلاثة اذرع بحسب العادة أقل من القامة بل هي قرينة من التحديد بالترقوة فمقتضى هذه الرواية كراهة ما زاد عليها لكنها لأجل المخالفة لفتوى الأصحاب ومعارضتها بما عرفت لا تنهض حجة لاثباتها ولو من باب المسامحة فتأمل وربما يوجه ما رواه أبو الصلت بما لا ينافي الحدين المتقدمين بحمله على تقارب المراقي بعضها من بعض وفيه مع ما فيه من البعد يبعده الامر بجعل اللحد ذراعين وشبرا إذ من المستبعد جدا ان يراد جعل مثل هذا اللحد في قبر لا يتجاوز عمقه ثلاثة أذرع والله العالم ومنها ان يجعل له لحد فإنه أفضل من الشق مع صلابة الأرض بلا خلاف أجده كما في الجواهر بل اجماعا كما عن جماعة نقله ويدل عليه صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله لحد له أبو طلحة ومعلوم انه لم يكن الا باذن أمير المؤمنين (ع) لكونه هو المتولي لامره صلى الله عليه وآله ولا شبهة في أن اختيار اللحد لم يكن الا لأرجحيته وخبر علي بن عبد الله عن أبي الحسن موسى (ع) قال في حديث لما قبض إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي انزل فالحد إبراهيم في لحده وفيه اشعار بمعروفية اللحد من الصدر الأول كصحيح أبي بصير فإذا وضعته في اللحد الحديث وظاهر ان اختياره مع ما فيه من الكلفة الزائدة لم يكن الا لأفضلية كما يستشعر ذلك من التعليل الوارد فيما رواه الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال إن
(٤٢١)