وقال (ع) كفن المرأة على زوجها واستبعده غير واحده من المتأخرين عنه نظرا إلى خلو الصحيحة في الكافي والتهذيب عن هذه التتمة ولذا قال شيخنا المرتضى ره والأظهر ما عن الذخيرة والحدائق من كونها ورواية مرسلة مستقلة انتهى وكيف كان فالظاهر أن الروايتين هما عمدة مستند الأصحاب قديما وحديثا في الحكم فلا ينبغي الالتفات إلى ما فيهما من ضعف السند وقد يستدل له ببقاء علاقة الزوجية عرفا وشرعا وهى مقتضية لوجوب النفقة التي منها الكفن بعد الموت واعترضه في محكى الروض بالنقض بغيرها ممن يجب انفاقه وظاهره ان عدم وجوب كفن ساير واجبي النفقة من المسلمات وفيه انه ان تم الاجماع على عدم الوجوب بالنسبة إليهم فهو الفارق بين المقامين والا فلا مانع من الالتزام بالوجوب فيهم أيضا بمقتضى الاستصحاب ولا يتطرق الخدشة في موضوعه بعد قضاء العرف ببقائه كما يستصحب جواز النظر والمس وغيرهما من الأحكام الثابتة حال الحياة لكن الاستصحاب انما يتمشى في حق من عد الزوجة لو لم يكن له من التركة ما يفي بكفنه لاشتراط وجوب الانفاق على غير الزوجة بان لا يكون عنده ما يغنيه عن أن يكون كلا على غيره فالانصاف ان الالتزام بالوجوب في الصورة المفروضة غير بعيد ودعوى الاجماع على عدمه كما استظهره بعض تحتاج إلى البينة واما في حق الزوجة فلا يشترط بذلك كما هو واضح وقد يقال قضية الاستصحاب استقرار كفنها كغيره من نفقتها الواجبة في ذمة الزوج على تقدير الاخلال به ودفنها عارية ولو لأجل الاعسار والالتزام به مشكل ويتوجه عليه عدم تسليم المدعى في مثل الفرض بل الحكم بذلك فيما لو لم يتمكن الزوج من كسوتها حال حيوتها أيضا وصبرت بلا كسوة أيضا غير مسلم فضلا عما بعد الموت وكيف كان فلو تم هذا الدليل كما ليس بالبعيد فلا يقتضي الا ثبوت الحكم في بعض افراد الموضوع وهو الزوجة الدائمة الممكنة دون الناشز والمستمتع بها فالعمدة انما هو اطلاق الخبرين المعتضد باطلاق الفتاوى وبعض معاقد الاجماعات المحكية فلا فرق بين الصغيرة والكبيرة ولا بين الدخول بها وغيرها ولا بين الحرة والأمة ولا بين الناشزة والمطيعة ولا بين العاقلة والمجنونة ولا بين الدائمة والمتمتع بها ودعوى انصراف الزوجة عما عدا الدائمة الممكنة التي يجب الانفاق عليه ممنوعة جدا نعم الظاهر انصرافها عن بعض افراد المتمتع بها كما أن الظاهر انصرافها عن المحللة وكيف كان فالمدار على اطلاق الزوجة عليها عرفا فمتى أطلقت الزوجة عرفا كان كفنها على زوجها بمقتضى اطلاق النص والفتاوى لكن لا يلزمه زيادة على الواجب كما هو واضح ويلحق بالزوجة المطلقة الرجعية لعموم المنزلة المستفادة من بعض الأخبار ولافرق أيضا بين افراد الزوج الكبير والصغير والعاقل والمجنون لكن المخاطب بالفعل عند قصور الزوج وليه كساير الحقوق الواجبة عليه نعم يختص الحكم بالزوج الموسر فلو كان معسرا لا يملك حتى بملاحظة ما انتقل منها إليه ما يفضل عما استثنى للمعسر فلا شئ عليه بل تكفن حينئذ من تركتها كما نسبه في المدارك إلى ما قطع به الأصحاب لكنه مع ذلك احتمل شموله للمعسر أيضا مع الامكان لاطلاق النص وفيه ان النص يصرف عنه بما دل على استثناء ما استثنى للمعسر في وجوب وفاء الدين فان كفن الزوجة وان لم نقل بأنه من الديون التي تستقر في الذمة بعد فوات محله بحيث يجب عليه تسليمه إلى ورثتها نظرا إلى أن المستفاد من النص والفتاوى ليس الا وجوب كسوتها بالكفن وامتاعها إياه لا بذل المال وتمليكه لها فيرتفع الوجوب بفوات موضوعه لكنه مع ذلك بمنزلة ساير الديون في كونه حقا ماليا للغير متعلقا بذمة الزوج فلا يجب عليه الخروج من عهدته الا على تقدير يساره كما يدل عليه بعض ما ورد في مستثنيات الدين كصحيحة الحلبي أو حسنته لابتاع الدار في الدين ولا الخادم وذلك لأنه لابد للرجل من ظل يسكنه وخادم اه حيث يفهم من مثل هذه الرواية ان حقوق الغير لا تزاحم ما هو من ضروريات معاش الرجل نعم لو جعل التكفين من باب الانفاق وتحمل المؤنة كما هو قضية التعليل المتقدم عن بعض لاتجه القول بوجوبه على تقدير التمكن وعدم مزاحمته لما هو أهم منه من الضروريات وان كان معسرا وليس بالبعيد والله العالم والعجب مما احتمله في الجواهر لولا عدم معروفية الخلاف من أنه على تقدير عدم تنجز الخطاب على الزوج ولعدم تمكنه تدفن عارية أو من بيت المال كفاقد الكفن لامن تركها نظرا إلى عدم شمول الأدلة القاضية بثبوت الكفن من أصل المال لكفن الزوجة حيث إن كفنها على زوجها وسقوط الخطاب عنه لعدم قدرته لا يقضى بالانتقال إلى تركتها كما أن عصيانه بعد أدائه حال يساره وعدم التمكن من اجباره لا يقضى بذلك وفيه منع عدم الشمول فان ما يتوهم مانعا من الشمول ليس الا النص الدال على أن كفن المرأة على زوجها دون استصحاب وجوب الانفاق الذي لا يزاحم الدليل وهولا يصلح مانعا من ذلك اما ان قلنا إنه لا يدل الا على ثبوت حق فعلى لها عليه بمعنى لزوم تكفينها بالفعل فهو مخصوص بالقادر بل الموسر إذ ليس على غير الموسر شئ فلا يعمه هذا الحكم حتى يكون مانعا من شمول الحكم الأول ولا يقاس المعسر الغير المتوجه إليه هذا الخطاب على الصغير الغير المكلف به بالفعل فان الصغر لا يمنع من ثبوت الحق عليه بالفعل وارادته من الخطاب غاية الأمر ان المكلف بالخروج من عهدته هو وليه وهذا بخلاف الاعسار المانع من ثبوت حق عليه بالفعل وان قلنا بان مفاد قوله (ع) كفن المرأة على زوجها كقضية استصحاب وجوب النفقة أعم من الحق الملزم به بالفعل نظير قولنا له عليه دين فيفهم منه ان لها حقا ثانيا على المعسر فهو حينئذ وان كان مشمولا لهذا الحكم لكنه لا يقضى بجواز دفنها عارية ما دامت لها تركه ضرورة قضاء الأدلة الشرعية المعتضدة بالاعتبار بأحقية الميت بتركته بمقدار الكفن من ورثته مطلقا غاية الأمر انه ثبت للزوجة حق التكفين على الزوج
(٤١٠)