مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٤٢٠
يعسر نبشها غالبا انتهى لان فائدة الدفن انما تتم بذلك انتهى فما في الجواهر من تقوية كفاية مسمى الدفن وعدم اعتبار الوصفين لعدم الدليل عليهما حيث لم يثبت في الدفن حقيقة شرعية ولا عرفية ولم يؤخذ شئ منهما في مفهومه لغة ولم يتحقق الاجماع على شئ منهما بعد خلو كلام جملة من الأصحاب عن ذكرهما ضعيف لما أشرنا إليه من أن المعهود لدى الناس في دفن موتاهم ليس الا ما كان جامعا للوصفين فلا ينصرف الذهن عند الامر بدفن الميت في كلمات الشارع والمتشرعة الا إلى إرادة ما هو المعهود عند الناس بل لا يبعد دعوى كون ما هو المتعارف لديهم أخص من ذلك أيضا الا ان حكمته بحسب الظاهر ليست الا الاحتياط وشدة الاهتمام بأمر الموتى بل قد أشرنا إلى أن المتبادر من الامر بدفن الميت مع قطع النظر عن العهد ليس الا إرادة دفن يكون من شأنه حفظ جثته عن الظهور بسبب الطواري المنافى لاحترامه وهو ملزوم عادة لعدم انتشار ريحه وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في اشتراط كون الدفن كذلك خصوصا بعد ما سمعت من دعوى الاجماع عليه وشهادة الرواية به بل المتأمل في الأخبار الواردة في كيفية الدفن لا يكاد يشك في عدم الاجتزاء في حفر القبور بأقل مما يحفظ جثته عن السباع ويستر ريحه عن الانس فهذا مما لا اشكال فيه كما أنه لا اشكال في اعتبار دفنه في الأرض مع القدرة وعدم كفاية وضعه في تابوت أو صندوق من حديد ونحوه مما يفيد فائدة الدفن وليس بدفن لعدم الخلاف فيه ظاهرا مضافا إلى عدم صدق الدفن الذي يدل على وجوبه النص والاجماع لكن قد يتأمل في اعتبار المواراة وعدم كفاية وضعه على الأرض والبناء عليه بناء متقنا وكذا فيما لو وضع في جدار ونحوه عند الامن من انهدامه عادة أو استلزامه توهين الميت ونحوه وان كان صريح بعض وظاهر آخرين عدم كفايته واعتبار كونه في حفيرة من الأرض بل ربما استظهر منهم الاجماع عليه نظرا إلى عدم صدق الدفن عليه ولا أقل من انصرافه عنه الا انه قد يقوى في النظر جرى الاخبار الامرة بدفن الأموات مجرى العادة وعدم كون خصوصية المواراة المتوقف عليها صدق الدفن من مقومات الموضوع كما لا يبعد دعوى مساعدة العرف عليه لكنه مع ذلك لا تأمل في أن الأول مع أنه أحوط أشبه بالقواعد جمودا على ما يقتضيه ظواهر الأدلة القاضية بوجوب الدفن * (نعم) * لا شبهة في جواز الاجتزاء بذلك بل وجوبه عند تعذر الحفر القاعدة الميسور بل لا شبهة في وجوب اجزاء القاعدة بالنسبة إلى ساير الشرايط المعتبرة في الدفن ولعله مما لا خلاف فيه أيضا فلا يجوز اهمال موتى المسلمين وابقائها مطروحة على الأرض قطعا بل يجب كفاية سترها بالدفن على الوجه المعتبر شرعا مع القدرة والا فليتحر إلى ما هو الأقرب إليه فالأقرب بشهادة العرف وقضاء القاعدة والله العالم راكب البحر ونحوه إذا مات يفعل به ما يفعل بغيره من التغسيل والتكفين والتحنيط والصلاة عليه ويلقى فيه اما مثقلا بحجر أو حديد ونحوهما مما يمنع ظهوره على وجه الماء أو مستورا في وعاء كالخابية وشبهها مخيرا بينهما على المشهور على ما حكاه بعض بل عن اخر انه نسبه إلى الأصحاب ويدل على الأول خبر وهب بن وهب عن الصادق (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) إذا مات الميت في البحر غسل وكفن وحنط ثم يصلى عليه ثم يوثق في رجله حجر ويرمى به في الماء ومرسل ابان عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في الرجل يموت مع القوم في البحر فقال يغسل ويكفن ويصلى عليه ويرمى به في البحر ومرفوعة سهل بن زياد عن أبي عبد الله (ع) قال إذا مات الرجل في السفينة ولم يقدر على الشط قال يكفن ويحنط ويلقى في الماء وعن الفقه الرضوي وان مات في سفينة فاغسله وكفنه وثقل رجليه والقه في البحر ويدل على الثاني صحيحة أيوب بن الحر قال سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل مات وهو في السفينة في البحر كيف يصنع به قال يوضع في خابية ويوكى رأسها وتطرح في الماء وأحسن وجوه الجمع بين الروايات حملها على التخيير بين الامرين كما يساعد عليه الفهم العرفي ويشهد له فتاوى الأصحاب لكن وضعه في خابية ونحوها مع الامكان أولى بل الأحوط لاحتمال جرى الاخبار الامرة بالثقيل مجرى الغالب من عدم تيسر ستره في وعاء مستغنى عنه في البحر كما يؤيده ما قد يقال من كونه أوفق باحترام الميت وأنسب بحفظه من الحيوانات وان كان الأقوى جواز الامرين مطلقا لاطلاق أدلتهما المقتصر في التصرف في كل منهما بقرينة الاخر على الحمل على كون المأمور به من افراد الواجب لا واجبا بالخصوص كما أن تخصيص الحجر في بعض تلك الروايات وكذا الخابية بالذكر الا لذلك وربما مال أو قال بتعين الأخير غير واحد من المتأخرين كصاحب المدارك وغيره نظرا إلى ضعف الأخبار الدالة على جواز التثقيل وانحصار الخبر الصحيح في الباب برواية أيوب وفيه مالا يخفى بعد استفاضة الاخبار وانجبار ضعفها بعمل الأصحاب قديما وحديثا حتى أنه حكى عن المقنعة والمبسوط والوسيلة و السرائر والفقيه والنهاية الاقتصار على الأول المشعر بتعينه وان بعد ارادتهم له وكيف كان فالأقوى ما عرفت من التخيير بين الامرين لكن لا يكون ذلك الامر تعذر الوصول إلى البر أو تعسره ضرورة انصراف الاخبار سؤالا وجوابا عن صورة تيسره وانسباقها إلى إرادة الحكم في صورة التعذر أو التعسر الرافع للتكليف فلا موقع للاستفصال في مثل الفرض كي يكون تركه مفيدا للعموم ولا يبعد ان لا يكون التقييد بما عرفت موردا للخلاف نعم في المدارك نسب إلى ظاهر المفيد في المقنعة والمصنف في المعتبر جواز ذلك ابتداء ولعله في غير محله ولذا انكر عليه بعض من تأخر عنه وكيف كان فهو ضعيف لما عرفت فلا ينبغي التأمل في وجوب الدفن عند تيسره وهل يجب الصبر عليه مع رجاء التمكن من الأرض في زمان قصير أو قبل فساد الميت فيه اشكال بل خلاف من اطلاق الأدلة ومن انصرافها إلى إرادة الحكم عند تعذر الدفن فلا يجوز الالقاء في البحر الابعد احراز تعذر الدفن وهذا مع أنه أحوط لا يخلو من قوة ما لم يستلزم محذورا من فساد الميت أو ايذاء أهل السفينة أو نحوهما من المحاذير ولو بمقتضى العرف والعادة على تأمل فيه والله العالم
(٤٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»