بالسبع الثلاثة المفروضة ولفافتان والعمامة وخرقة الفخذين وكيف كان فظاهر صحيحة زرارة المعتضد بما عرفت من الاجماعات المحكية و غيرها انما هو استحباب خمسة أثواب عدا العمامة والخرقة فيكون زيادة حبرة على الأثواب المفروضة سنة بمقتضى هذه الصحيحة وان لم يفهم منها استحبابها بالخصوص لكن يكفي في ذلك فتوى الأصحاب كما هو ظاهر ولا ينافيها عد العمامة في صحيحة معاوية بن وهب من الخمسة التي يكفن بها الميت حيث قال يكفن الميت في خمسة أثواب قميص لا يزر عليه وازار وخرقة يعصب بها وسطه وبرد يلف فيه وعمامة يعتم بها إذ لا شبهة في جواز عد العمامة والخرقة من اجزاء الكفن ببعض الاعتبارات ولا دلالة في هذه الصحيحة على أن ما زاد على هذه الخمسة بدعة وانما تدل الصحيحة الأولى على أن ما زاد على الخمس فمبتدع ولم يجعل العمامة منها بل قد أشرنا إلى أنه يستشعر أو يستظهر من ساير الاخبار ولو لأجل الاعتضاد بفهم أكثر الأصحاب ان الخرقة أيضا خارجة من هذه الخمسة ويدل على استحباب زيادة الحبرة بالخصوص رواية يونس بن يعقوب عن أبي الحسن (ع) الأول قال سمعته يقول انى كفنت أبى في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما وفى قميص من قمصه وعمامة كانت لعلي بن الحسين (ع) وفى برد واشتريته بأربعين دينارا لو كان اليوم لساوى أربعمأة دينار ولا يعارضها كما أنه لا يعارض الصحيحة المتقدمة الدالة على استحباب الزيادة المستفيضة الناطقة بان عليا (ع) كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثة أثواب فان الاقتصار في كفن رسول الله صلى الله عليه وآله على الأثواب الثلاثة لا ينفى استحباب ما زاد بحيث يعارض القول لجواز ان يترك عليا (ع) هذا المستحب لغرض أهم منه نعم ينافيها ظاهرا مبالغة الإمام (ع) في حسنة الحلبي المتقدمة في تكفينه في ثلاثة أثواب بل يظهر منها كون الزيادة مذهبا للعامة فيترجح هذه الرواية حينئذ على معارضاتها الدالة على استحباب الزيادة لذلك ولا يسمع في مقابلتها شهادة المحقق والعلامة على ما حكى عنهما باتفاق العامة على نفى استحباب الزايد فان شهادتهما انما تقبل بالنسبة إلى عصرهما الذي انحصر فيه أقوال العامة في أربعة لا بالنسبة إلى زمان الباقر عليه السلام الذي تشتت فيه آرائهم فلا مقتضى لصرف الرواية عن ظاهرها لكن يتوجه عليه قصورها عن المكافئة لا لمجرد مخالفتها لفتوى الأصحاب واعتضاد معارضاتها بعملهم بل يضعف دلالتها على عدم استحباب الزايد لان من الجائز ترك المستحب أحيانا في مقام عملهم لمقصد أهم فلا تعارض ما صرح فيها باستحباب ما زاد مضافا إلى أن احتمال التقية في هذه الرواية أقوى من احتمال التقية في رواية يونس بل هذا الاحتمال في رواية يونس في غاية البعد لكونها بحسب الظاهر اخبارا عما وقع فيبعد صدورها تقية واما هذه الرواية فهي في حد ذاتها يستشعر منها كونها معلولة ضرورة كفاية وصيته من دون كتابة في خروج الصادق (ع) من عهدتها وما ذكره (ع) علة لكتابته أشد اشعارا بذلك إذ العادة قاضية بتمكن أولياء الميت من تكفينه على وجه يشتبه عدد قطعات الكفن على عامة الناس فكيف يخاف في مثل ذلك على الصادق من أن يبدل الوصية فالذي يغلب على الظن صدق ما شهد به المحقق والعلامة من كون ترك الزيادة مذهبا للعامة فكانت الزيادة لديهم من مبتدعات الرفضة فأراد الإمام (ع) بكتابته اظهار التبري عن عملهم لما فيه من المصالح كما كان يتفق كثيرا ما مثله في مكاتباتهم (ع) بل ربما يستشم ذلك من مبالغة الأئمة (ع) في كثير من الاخبار في بيان ان العمامة والخرقة لا تعدان من الكفن فان من المحتمل قويا ارادتهم بذلك توجيه مذهب الخاصة ودفع التنافي بينه وبين ما يزعمه العامة من كون ما زاد على الثلاث بدعة والحاصل ان احتمال التقية في هذه الرواية في غاية القوة وفى مرسلة يونس في غاية الضعف فلا يتكافئان فما عليه المشهور من استحباب زيادة حبرة مما لا ينبغي الاشكال فيه بل قد عرفت ان استحباب زيادة لفافتين مطلقا لا يخلو من وجه وجه لقاعدة التسامح ثم لا يخفى عليك ان مقتضى بعض ما عرفت انما هو استحباب زيادة اللفافة مطلقا فكونها حبره أفضل ويدل على استحباب زيادة الحبرة بالخصوص مضافا إلى ما عرفت صحيحة عبد الله بن سنان البرد لا يلف به ولكن يطرح عليه طرحا فإذا ادخل القبر وضع تحت خده وتحت جنبيه فان البرد لو كان من الأثواب الثلاثة وجب لفه على الميت لكن مقتضى هذه الصحيحة استحباب زيادتها لاعلى ان يكون من الكفن بل ظاهرها عدم استحباب لفة على الميت الا انه لابد من رفع اليد عن هذا الظاهر بقرنية غيرها من النصوص والفتاوى المصرحة بان البرد يلف على الميت فلا يبعد ان يكون ايجاده بالكيفية المذكورة في الصحيحة أفضل فتأمل والأولى كون الحبرة عبرية بكسر العين أو فتحها منسوبة إلى العبر جانب الوادي أو موضع اخر لما عن جملة من الأصحاب التصريح به بل عن المعتبر والتذكرة تقييد الحبرة بكونها عبرية في معقد اجماعهما وربما يستدل له بما في خبر زرارة كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثة أثواب ثوبين صحاريين وثوب يمنى عبرى أو ظفار وأولى بالاستدلال له ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال كان ثوبا رسول الله صلى الله عليه وآله اللذان أحرم فيهما يمانيين عبرى واظفار وفيهما كفن وكيف كان فقد قيدوها بكونها غير مطرزة بالذهب ووجهه واضح بناء على ما عرفت فيما تقدم من عدم الخلاف ظاهرا في اشتراط كون الكفن من جنس ما يصلى فيه الرجل وعليه يتجه اشتراط كونها غير مطرزة بالحرير أيضا لو كان طرازها على وجه يمنع من الصلاة فيها والا فالمتجه جوازها بعد صدق العبرة عليها بل رجحانها لما ستعرف من استحباب المغالاة في الكفن والله العالم ومنها ان يزاد أيضا خرقة لفخذيه كما يدل عليه جملة من اخبار الباب التي بعضها نص في استحباب هذه الخرقة كصحيحة ابن سنان المصرحة بأنها لا تعد شيئا وانما تصنع لتضم ما هناك وما يصنع من القطن
(٤٠٠)