مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٨٩
الفعل في الخارج ولو من دون قصد فما عن بعض متأخري المتأخرين من توقف صحة التكفين على النية فلو وقع من دونها وجب اعادته لأنه من التعبديات التي لا يعلم بحصول الغرض منها بمجرد الوجود الخارجي ضعيف جدا ولا يبعد ان يكون متفردا بقوله وما ابعد ما بينه وبين ما حكى عن بعض من القول بحصول الثواب مع عدم النية ما لو ينو عدمها لظواهر الأخبار الدالة عليه بل نسب إلى الأردبيلي القول به ولو مع نية العدم وقد أشرنا إلى ضعفه بما أومأنا إليه من توقف استحقاق الثواب عقلا على الإطاعة التي لا تتحقق الا بالقصد اللهم الا ان يوجه ذلك بإرادة التفضل من الثواب لاجزاء العمل فيمكن الالتزام به بعد مساعدة الدليل بان يقال إنه يفهم من الأدلة انه هذا العمل بنفسه كإغاثة الملهوف ونحوها من الأمور التي لها اثار ذاتية يحدث بها صفة كما في الانسان فيتقرب بها إلى الله جل جلاله بخاصية العمل ويستحق بكماله الفوز إلى الدرجات الرفيعة كما أنه ربما نلتزم بذلك بالنسبة إلى جملة من الاعمال الحسنة المؤثرة من حيث هي في تهذيب النفس وكمالها والله العالم ويجب لدى الاختيار ان يكفن الميت في ثلاثة اقطاع لا أقل بلا خلاف على الظاهر عدا ما حكى عن سلار فاجتزى بثوب واحد وهو ضعيف محجوج بمخالفته للاجماع المحكى عن الخلاف والغنية وغيرهما بل في الجواهر دعوى استفاضة نقل الاجماع على خلافه أو تواتره والأخبار المستفيضة بل المتواترة ففي رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال الميت يكفن في ثلاثة أثواب سوى العمامة والخرقة يشد بها وركيه لكيلا يبدو منها بشئ والعمامة والخرقة لابد منها وليستا من الكفن وموثقة سماعة قال سئلته عما يكفن به الميت قال ثلاثة أثواب وانما كفن رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثة أثواب ثوبين صحاريين وثوب حبرة والصحارية تكون باليمامة وكفن أبو جعفر (ع) في ثلاثة أثواب إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي ستمر جملة منها عليك الواردة في كيفية التكفين وبيان عدد قطعات الكفن الدالة على اعتبار ثلاثة أثواب وما زاد بتقريب انه لا يجوز الاقتصار على الأقل مما اشتمل عليه مثل هذه الأخبار البيانية الا بدليل يدل على عدم كون بعض ما فيه مثلا من الأركان وليس في شئ منها اشعار بجواز الاجتزاء بما دون الثلاثة عدا صحيحة زرارة المروية عن بعض نسخ التهذيب قال قلت لأبي جعفر (ع) العمامة للميت من الكفن قال لا انما الكفن المفروض ثلاثة أثواب أو ثوب تام لا أقل منه يوارى فيه جسده كله فما زاد فهو سنة إلى أن يبلغ خمسة فما زاد فمبتدع والعمامة سنة وقيل إن هذه الصحيحة مع الأصل هي مستند سلار وفيه ان الأصل منقطع بالدليل واما الصحيحة فهي غير ناهضة للاستدلال لما فيها من الاشكال والاجمال واضطراب المتن حيث رواها الكليني عن زرارة ومحمد بن مسلم مثل ما في التهذيب الا أنه قال انما الكفن المفروض ثلاثة أثواب وثوب تام وعلى هذا يكون من قبيل عطف الخاص على العام بقرنية غيرها من الأدلة فيكون دليلا للمشهور وعن حبل المتين ان بعض نسخ التهذيب أيضا كما في الكافي فيحتمل زيادة همزه أو في النسخة المشتملة عليها بتصرف النساخ كما يؤيدها ما ستعرفه من الاشكال وحكى عن أكثر نسخ التهذيب روايتها بحذف الثوب انما الكفن المفروض ثلاثة أثواب تام ويظهر من الحدائق ان هذا هو الموافق لأصل نسخة التهذيب المكتوبة بخط الشيخ وحيث استظهر سقوط لفظ الثوب من قلم الشيخ وكيف كان فلا وثوق بصحة النسخة المشتملة على لفظة أو هذا مع ما فيه من الاشكال فان ظاهرها التخيير في الفرض الذي جعله قسيما للسنة بين الأقل والأكثر لا مع المغايرة بينهما بوجه كما في القصر والاتمام نعم لو أمكن الالتزام بجواز التكفين بثلثه أثواب ناقصة يحصل مواراة جسد الميت بمجموعها من حيث المجموع من دون ان يعتبر في أحدها كونه شاملا لجميع البدن لأمكن الالتزام بالتخيير لكنه على الظاهر مما لا يقول به أحد فلينزل الرواية على تقدير ثبوتها اما على إرادة حالتي الاختيار والاضطرار كما ليس بالبعيد أو يلتزم بخروجها مخرج التقية وان لا يخلو عن بعد كما لا يخفى على المتأمل وكيف كان فهذه الرواية لو لم تكن دليلا للمشهور فلا تكون دليلا عليهم ثم إن الاقطاع الثلاثة الواجبة في الكفن على المشهور ما كانت بصورة مئزر بكسر الميم ثم الهمزة الساكنة ويطلق عليه في العرف واللغة الإزار كما هو الشايع في النصوص على ما يشهد به الاستقراء في اخبار الباب وما ورد في باب الاحرام وفى أحكام الحائض وآداب الحمام إلى غير ذلك من مواقع استعمالاته وربما حد والميزر كما عن الروض والروضة بما يستر ما بين السرة والركبة وعن جامع المقاصد ما يسترهما وعن المقنعة والمراسم ما يستر من السرة إلى حيث يبلغ من ساقيه وعن المصباح من سرته إلى حيث بلغ الميزر وعن الروضة احتمال كفاية ما يستر العورة لأنه شرع لسترها بالأصل وفيه مالا يخفى من الضعف والأولى احالته على العرف و الاجتزاء بما يتحقق به مسماه عرفا بحيث لا يكون استعماله مثلا في الحمام ونحوه خلاف المتعارف الذي ينصرف عنه الاطلاق وقميص وقد حدده غير واحد بما يصل إلى نصف الساق ولعله لتعارفه في ذلك الزمان فعليه ينزل اطلاق الاخبار ولا ريب في أنه أحوط وان كان المتجه كفاية مسماه الذي يتحقق على الظاهر بما لا يبلغه وازار والمراد منه في المقام هو الثوب الشامل لجميع البدن طولا وعرضا وهل يجب زيادة شئ ليمكن معه عقد طرفيه طولا وينطبق أحد جانبيه على الاخر عرضا كما عن بعض معللا بعد تبادر غيره من الاخبار أم لا يجب بل يكفي مطلق ما يشمل البدن ولو بالخياطة ونحوها وجهان أحوطهما الأول وأظهرهما الثاني فان التبادر المدعى في المقام منشأه غلته الوجود ثم إن اطلاق الإزار على مثل هذا الثوب هل هو حقيقة كاطلاقه على المئزر أم يجاز فيه تردد ربما يقوى الأول مضافا إلى اطلاق الفقهاء ما حكاه في مجمع البحرين عن بعض أهل اللغة من تفسيره بالثوب الشامل
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»