مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦١١
ويتجه ح اختيار القول الثالث لكن صرح غير واحد بخلو كتب الاخبار من هذه الزيادة كصاحب الحدائق وغيره ففي الحدائق قال وهذه الزيادة لا وجود لها في شئ من كتب الاخبار وقد صرح أيضا بذلك الشيخ حسن في المعالم فقال بعد نقل ذلك من الذكرى والمعتبر ولم أر لهذه الزيادة اثرا في كتب الحديث الموجودة الان بعد التصفح بقدر الوسع انتهى فيحتمل قويا كونها من كلام صاحب المعتبر ذكرها تفسيرا للرواية بحسب اجتهاده لا يقال إن ظاهر ما حكى عن الكتابين كونها من تتمة الرواية فلا يرفع اليد عن هذا الظاهر بمجرد عدم وجدانها فيما بأيدينا من الكتب لأنا نقول لا نلتزم بهذه المرتبة من الاعتبار للظواهر القابلة للخلاف بل ولا لقول الثقة بعد شهادة الامارات بخطائه والحاصل انه لا وثوق بهذه الفقرة بل المظنون عدم كونها من الرواية فيشكل الاعتماد عليها واما دعوى ان المنساق إلى الذهن كون الغسلة الأولى لمجرد الإزالة ففيها انها ناشئة من الحدس والتخمين إذ لا شاهد عليها من ألفاظ الرواية فهي غير مسموعة خصوصا مع أن غسل الثوب والبدن كثيرا ما يقع بعد الجفاف وزوال العين فكيف تقبل دعوى من يدعى انصراف اطلاقات الاخبار الامرة بالغسل؟ عنه من غير شاهد فالأظهر ما هو المشهور من اعتبار المرتين مطلقا وهل يختص ذلك بخصوص الثوب والبدن الذين ورد فيهما النص أم يعم مطلق ما اصابه البول وجهان بل قولان اختار أولهما في الحدائق ومحكى الذخيرة اقتصارا على مورد النص واخذا باطلاق الامر بالغسل فيما عداه وحكى عن ظاهر جمع وصريح بعض التعميم ولا يبعد ان يكون هذا هو المشهور بين الأصحاب وتخصيص بعض الثوب والبدن بالذكر كما في المتن أو خصوص الثوب كما عن المنتهى لا يدل على إرادة الاختصاص بل الظاهر جريه مجرى التمثيل وكيف كان فهذا هو الأظهر فان الأحكام الشرعية لا تتقيد بمواردها المنصوصة فكما يفهم من قوله (ع) اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه نجاسة البول وانفعال كل شئ من فكذلك يفهم من قوله (ع) اغسله مرتين ان نجاسته لا تزول الا بالغسل مرتين نعم لو كان النص مخصوصا بالثوب لم يكن احتمال مدخلية كونه مما يرسب فيه البول في اشتراط التعدد بعيدا لكن لا يبقى مجال لهذا الاحتمال بعد ورود الامر بغسل الجسد أيضا مرتين فيستفاد من ذلك ان الأجسام الصلبة التي لا يرسب فيها البول أيضا يتوقف تطهيرها منه على غسلها مرتين واحتمال مدخلية صدق اسم البدن أو الثوب في اشتراط العدد مما لا ينبغي الالتفات إليه إذ ليس كون الشئ مصداقا للثوب أو البدن على ما هو المغروس في أذهان المتشرعة من الخصوصيات التي لها دخل في قبوله للانفعال أو التطهير ولذا استقرت سيرتهم على استفادة الاحكام الكلية من القضايا الشخصية الواردة فيهما ولا يتوهم أحد فرقا في كيفية التطهير أو الانفعال بين الثوب أو قطعة كرباس لا يندرج في مسماه عرفا فالقول بالاختصاص ضعيف واضعف منه ما في المدارك ومحكى المعالم من الاختصاص بخصوص الثوب وكفاية المرة في غيره ولو في البدن بدعوى ضعف سند الروايات الامرة بغسل البدن مرتين وعدم اتصافها الصحة ويدفعها بعد تسليم ضعف السند والغض عن استفاضتها واعتضاد بعضها ببعض وتوصيف بعض لبعضها بالصحة ان ضعفها مجبور بعمل الأصحاب فلا ينبغي الارتياب في الحكم مع أنه أحوط تنبيهات الأول ان الغسل مرتين انما هو فيما إذا كان بالماء القليل دون الكر والجاري فإنه يكفي فيهما الغسل مرة كما عن المشهور بل بلا خلاف فيه في الأخير كما يظهر من بعض ويدل على كفاية المرة في الجاري قوله (ع) في صحيحة ابن مسلم المتقدمة فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة وربما يستظهر من ذلك كفاية المرة في الكر أيضا بدعوى ان المنساق إلى الذهن كون هذه القضية بمنزلة التصريح بما أريد الاحتراز منه بالتقييد الواقع في القضية الأولى أعني قوله (ع) اغسله في المركن مرتين والمتبادر من هذه القضية بقرينة المقابلة ليس الا إرادة المرتين عند غسله بالماء القليل كما هو لازم كونه في المركن عادة فمفهومه كفاية المرة عند غسله بغير الماء القليل سواء كان جاريا أو كرا وتخصيص الجاري بالذكر لنكتة الغلبة أو نحوها وفيه نظر بل الظاهر كون الشرطية بمنزلة الاستدراك لا التصريح بمفهوم القيد فالرواية ساكتة عن حكم الغسل بالكر ولعل النكتة فيه ندرة الابتلاء به في محل صدور الاخبار نعم المناسبة بين الكر والجاري توجب استشعار كفاية الواحدة في الكر من مثل هذه العبارة لا ظهورها فيها ويشهد للمدعى أيضا عبارة الرضوي المتقدمة ويدل على كفاية المرة في الكر المرسل المروى عن أبي جعفر عليه السلام مشيرا إلى غدير ماء ان هذا لا يصيب شيئا الا وطهره المجبور ضعفه بالعمل والنسبة بينه وبين ما دل على اعتبار المرتين في البول ان كان عموما من وجه لكن ظهور المرسل بالنسبة إلى مورد الاجتماع أقوى لدلالته عليه بالعموم واما اخبار المرتين فاغلبها بنفسها منصرفة إلى إرادة الغسل بالماء القليل وبعضها كصحيحة ابن أبي يعفور وان كان ظاهرا في الاطلاق لكن لا تكافئ ظهورها في الاطلاق لأصالة العموم خصوصا مع تطرق الوهن إليها بالنسبة إلى الجاري الذي علم عدم اعتبار العدد فيه كما لا يخفى واستدل له أيضا بقوله (ع) في بعض الأخبار الواردة في ماء الحمام انه بمنزلة الجاري وفى بعضها الاخر انه كماء النهر يطهر بعضه بعضا بدعوى ان اطلاق التشبيه يقتضى عمومه وما نحن فيه من وجوه الشبه وفيه نظر يظهر وجهه مما مر في محله نعم الرواية التي نزل فيها منزلة الجاري لا بأس بايرادها في مقام التأييد وقد يقال إن ماء الحمام حال جريانه بل كل ماء جار وان لم يكن عن مادة مندرج في موضوع قوله (ع) فان غسلته في ماء جار فمرة وفيه ان المتبادر منه إرادة الماء الجاري بمعناه المعروف دون مطلق الماء الذي يجرى كما هو واضح وماء المطر أيضا بمنزلة الجاري لا يعتبر في الغسل به التعدد لقوله (ع) كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر والله العالم الثاني لا يعتبر وقوع الغسلتين بعد إزالة العين بل لو زالت العين بالأولى كفى ضم الثانية إليها كما يشهد له اطلاق
(٦١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 606 607 608 609 610 611 612 613 614 615 616 ... » »»