مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦١٤
حق يختلط ويذهب وخبر عيسى بن أبي منصور قال قلت لأبي عبد الله (ع) امرأة أصاب ثوبها من دم الحيض فغسلته فبقي اثر الدم في ثوبها قال قل لها تصبغه بمشق حتى يختلط تقريب الاستدلال بهما انه لو كان بقاء اللون كاشفا عن وجود العين المانع من تحقق الإزالة المعتبرة في التطهير لم يكن صبغه بمشق مجديا فالامر به ليس الا للاستحباب رفعا للنفرة الحاصلة من بقاء اللون الغير المنافى لطهارة الثوب فليتأمل ومرسلة الصدوق قال سئل الرضا عن الرجل يطأ في الحمام وفى رجله الشقاق فيطأ البول والنورة فيدخل الشقاق اثر اسود مما وطئ من القذر وقد غسله كيف يصنع به وبرجله التي وطئ بها أيجزيه الغسل أم يخلل أظفاره بأظفاره ويستنجى فيجد الريح من أظفاره ولا يرى شيئا فقال لا شئ عليه من الريح والشقاق بعد غسله ثم انا قد أشرنا إلى أنه لا اثر للاجزاء اللطيفة المتخلفة من أعيان النجاسات التي تعد لدى العرف من الاعراض لكن لو استخرج تلك الأجزاء ببعض المعالجات بحيث صدق عليه الاسم لحقها حكمها فلو أغلى الثوب المغسول الذي أزيل عنه الدم عرفا وتنجس به الثوب على الأظهر فإنه يصدق عليه انه ماء متغير بعين الدم ولا منافاة بينه وبين استهلاك الدم وانتفاء موضوعه عرفا قبل ظهور وصفه في الماء نظير الدم المستهلك في ماء كر فإنه لا اثر له ما دام استهلاكه فلو نقص الماء عن الكرية يبقى على طهارته لكن لو اجتمع حينئذ اجزائه المستهلكة أو ظهر وصفه في الماء بواسطة جذب الهواء للاجزاء المائية الموجب لقلة الماء وظهور وصف الدم فيه تنجس والحاصل انه ربما ترتفع النجاسة عن موضوعها بواسطة استهلاك الموضوع واضمحلاله فمتى عاد على ما كان عليه بان صار موضوعا عرفيا لذلك النجس عاد حكمه ومن هذا القبيل حكم البخار المتصاعد من النجس إذا تقاطر فإنه ان صدق على القطرات المجتمعة منه اسم ذلك النجس تنجس لامثل المتفاطر من بخار البول أو العذرة الذي لا يصدق عليه اسمهما ولا المتقاطر من المتنجس الذي لا يصدق عليه عرفا كونه ذلك المتنجس بعينه وكذلك الدخان المتصاعد من الدهن النجس الذي يستصبح به المشتمل على اجزاء دهنية إذا تكاثف الدخان وظهر عليه ما اشتمله من الاجزاء الدسمة إلى غير ذلك من الأمثلة ولا مجال لاستصحاب الطهارة في مثل الفرض إذ لم يكن الاجزاء حين الحكم بطهارتها بعناوينها الخاصة وجود محقق لدى العرف والا لكانت محكومة بالنجاسة لأن المفروض كونها نجس العين فلا تطهر ما دامت معنونة بتلك العناوين وقد تقدم في مبحث التيمم ماله ربط بالمقام وإذا لاقى الكلب أو الخنزير أو الكافر ثوب الانسان وكان الثوب أو ما لاقاه رطبا رطوبة مسرية غسل موضع الملاقاة من الثوب واجبا مقدمة للواجبات المشروطة بطهارة الثوب كما عرفته فيما سبق وان كان الثوب كالملاقي له يابسا أي لامع رطوبة مسرية رشه بالماء استحبابا بلا خلاف يعتد به بل عن المعتبر انه أي استحباب الرش مع اليبوسة مذهب علمائنا أجمع ويشهد له في الأولين منها جملة من الاخبار منها مرسلة حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا مس ثوبك كلب فإن كان جافا فانضحه وان كان رطبا فاغسله وخبر على عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن الكلب يصيب الثوب قال انضحه وان كان رطبا فاغسله وصحيحة أبي العباس قال قال أبو عبد الله (ع) إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله وان مسه جافا فاصبب عليه الماء وعن الخصال عن علي عليه السلام في حديث الأربعمأة قال تنزهوا عن قرب الكلاب فمن أصاب الكلب وهو رطب فليغسله وان كان جافا فلينضح ثوبه بالماء وخبر علي بن محمد المضمر قال سئلته عن خنزير أصاب ثوبا وهو جاف هل تصلح الصلاة فيه قبل ان يغسله قال نعم ينضحه بالماء ثم يصلى فيه وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر وهو في صلاته كيف يصنع به قال إن كان دخل في صلاته فليمض وان لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما اصابه من ثوبه الا ان يكون فيه اثر فيغسله واستدل لاستحباب الرش في الأخير بصحيحة الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة في ثوب المجوسي فقال يرش بالماء الحديث وفيه نظر إذ لم يعلم أن الامر بالرش فيما هو مغروض السائل مسبب عن ملاقاة المجوسي لثوبه مع الجفاف حتى يتعدى عن مورده إلى ثوب الغير الذي لاقاه المجوسي أو غيره من الكفار مع الجفاف فلعل حكمة الحكم كون ثوبه مظنة للنجاسة وقد ورد الامر بالنضح في موارد كثيرة مما ظن أو شك فيه النجاسة من الثوب والبدن مثل قوله (ع) في صحيحة ابن الحجاج الواردة في رجل يبول بالليل ويحسب ان البول اصابه يغسل ما استبان انه اصابه وينضح ما يشك فيه من جسده وثيابه وفى حسنة الحلبي الواردة في المني فان ظن أنه اصابه منى ولم يستيقن ولم ير مكانه فلينضحه بالماء وفى خبر عبد الله بن سنان الوارد في رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم وان كان يرى أنه اصابه شئ فنظر ولم ير شيئا أجزاه ان ينضحه بالماء وقد حكى عن العلامة الجزم باستحباب النضح مع الشك في النجاسة مطلقا وكيف كان فلا يمكن استفادة المدعى من الامر بالرش في الصحيحة المتقدمة فعمدة مستند الحكم في الكافر هو الاجماع المحكى عن المعتبر وكفى به دليلا لاثبات الحكم بعد البناء على المسامحة ثم إن مقتضى ظاهر لامر بالنضح في الأخبار المتقدمة هو الوجوب لكن لما ثبت ان كل يابس زكى كما في الموثق وانعقد الاجماع عليه فيما عدا ميت الانسان أو مطلق الميتة كما عرفته فيما سبق تعين حمله على الاستحباب كما في سائر الموارد التي ورد فيها الامر بالنضح من مظان النجاسة وغيرها وحمله على الوجوب النفسي التعبدي مناف لظاهر الاخبار بل صريحها فإنها تدل على أن الامر بالنضح انما هو لأجل الصلاة ونحوها وحمله على كونه شرطا تعبديا محضا لا من حيث النجاسة مع بعده في حد ذاته حيث لا ينسبق إلى الذهن من الامر برش الثوب
(٦١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 619 ... » »»