مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٦١٢
الأخبار المتقدمة الدالة على الغسل مرتين بل القدر المتيقن من تلك الأخبار انما هو إرادة الغسل مرتين لدى وجود عين البول في الثوب والجسد وانما حكمنا باعتبارهما مع الجفاف وزوال العين بواسطة اصالة الاطلاق ويشهد لذلك مضافا إلى أن فرض وجود العين هو القدر المتيقن ارادته من موارد النصوص ما في بعضها من تعليل كفاية صب الماء على الجسد مرتين بأنه ماء فإنه صريح في المدعى وربما يستشهد باطلاق الاخبار لكفاية المرتين وان تحققت الإزالة بالأخيرة وفيه أولا ان البول الذي هو ماء لا يبقى عادة عينه في الثوب والجسد بعد غسله مرة حتى يتحقق ازالته بالغسلة الثانية ففرض كونه كذلك فرض نادر بل غير واقع ينصرف عنه الاطلاقات وثانيا ان وجود البول في الثوب بنفسه علة لوجوب غسله مرتين فما دام العين باقية في الثوب أو الجسد صدق عليه انه شئ اصابه البول فيندرج في موضوع الاخبار الامرة بغسله مرتين ومجرد ايصال الماء إليه ما لم يؤثر في إزالة عينه لا يخرجه من موضوع تلك الأخبار بل لا يصدق عليه اسم الغسل فالقول بكفاية حصول الإزالة بمجموع الغسلتين ضعيف واضعف منه القول بعدم احتساب الغسلة المزيلة للعين من العدد مستندا إلى انها لو احتسبت من العدد فلا معنى ح لتعيين العدد في المرتين لأن إزالة عين النجاسة قد لا تحصل بهما ولا يعقل الحكم بالكفاية مع بقاء العين فلابد من الإزالة بغيرهما فلا يمكن جعل المرتين ضابطا للتطهير وفيه أولا ما أشرنا إليه من أن غسل الثوب أو البدن من البول لا يتحقق عرفا الا باذهاب عينه بالماء وليس مطلق اجراء الماء على الشئ القذر مع بقاء القذارة فيه مصداقا للغسل وثانيا ان يعين العدد في المرتين انما هو بلحاظ الغالب دون الفرض الذي فرضه القائل وهو مالا يحصل الإزالة بهما فإنه في مثل البول الذي هو مورد النصوص مجرد فرض لا وقوع له الثالث لا يكفي التقدير في الغسلتين بل يعتبر تحققهما بالفعل وانفصال كل منهما عن الاخر بحيث ينفرد كل منهما بالفردية لدى العرف فان هذا هو المتبادر من النصوص والفتاوى فما عن الذكرى من كفاية صب الماء عليه بقدر الغسلتين ضعيف وربما استحسه بعض فيما لو امتد زمان الصب بقدر انقضاء زمان الغسلتين والفصل بينهما نظرا إلى أن وصل الماء لو لم يكن أقوى في التأثير فليس بأقل من القطع والفصل وفيه نظر لأن سماع مثل هذه الدعاوى في الاحكام التعبدية التوقيفية مشكل خصوصا مع ما نرى من أن للتكرير تأثيرا في النفس في رفع القذارة المتوهمة لا يحصل مثله مع اتحاد الغسلة وان استمرت بقدر انقضاء زمان الغسلتين وما بينهما من الفصل وقد يقال بناء على اعتبار العدد في الجاري والكثير ان تعاقب جريان الجاري والتحريك في الماء الكثير بمنزلة التكرير وفيه أيضا على اطلاقه تأمل نعم لو كانت الجريات والتحريكات ممتازا بعضها عن بعض بحيث تكرر بواسطتها صدق الغسل لدى العرف أو استعمل في الماء بعض المعالجات من الفرك والدلك ونحوهما بحيث اثر في صدق التكرير اتجه الاكتفاء به والا فلا ولا يكفي في الصدق مجرد مغائرة الماء الذي يلاقيه في الزمان الثاني للماء الذي اصابه أولا كما هو واضح الرابع هل يختص وجوب العدد بغسل البول فيكفي في غيره غسله مرة واحدة أم يجرى في سائر النجاسات قولان نسب أولهما إلى الأكثر بل المشهور لكن قيده بعضهم بوقوع الغسلة بعد إزالة العين وحكى عن الشهيد [اعتبره] اعتبار المرتين في سائر النجاسات وعن العلامة في التحرير المرتين فيما له قوام وثخن كالمني دون غيره وعن المنتهى أنه قال النجاسات التي لها قوام وثخن أولى بالتعدد في الغسلات انتهى حجة المشهور اطلاق الامر بالغسل في كثير من الأخبار الواردة في أبواب النجاسات مثل قوله (ع) ان أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله وقوله (ع) في جسد الرجل الذي يصيبه الكلب يغسل المكان الذي اصابه وفى الثوب الذي اصابه خمر أو نبيذ اغسله وفى الثوب الذي أصاب جسد الميت يغسل ما أصاب الثوب أو فاغسل ما أصاب ثوبك منه وفى المني يصيب الثوب ان عرفت مكانه فاغسله وان خفى عليك مكانه فاغسل الثوب كله وفى الثوب الذي يعرق فيه الجنب فليغسل ما أصاب من ذلك وفى الدم ان اجتمع قدر حمصة فاغسله إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي يقف عليها المتتبع مما ورد فيها الامر بغسل ما لاقى شيئا من النجاسات على الاطلاق وقد تقدم جلها في طي المباحث المتقدمة فراجع ودعوى ان مثل هذه الأخبار المطلقة انما سيقت لبيان أصل النجاسة بذكر بعض اثارها وهو وجوب غسل الملاقى واما كيفية الغسل فلم يقصد بيانها بهذه الروايات مدفوعة بان حمل الاخبار المتكاثرة المتظافرة على كونها بأسرها من قبيل ذكر اللازم وإرادة الملزوم تأويل بلا مقتض بل الظاهر كونها مسوقة لبيان نفس اللازم فيستفاد منه الملزوم أعني النجاسة بالالتزام بل كيف تسمع دعوى الاهمال في جميع هذه الأخبار مع أن الأسئلة الواقعة في أغلبها ليست الا كالأسئلة الواقعة في الأخبار المتقدمة التي وردت في البول فالأجوبة الواردة فيها على الظاهر ليست الا كالأجوبة الواردة في البول مسوقة لبيان ما هو حكمه الفعلي في مقام العمل نعم قد يتطرق الخدشة في كثير من الاطلاقات الواردة في الباب بورودها لبيان احكام اخر كحكم المتنجس لدى الاشتباه ونحو ذلك لكن فيما عداها مما لا يتطرق فيه هذه الخدشة غنى وكفاية ولا يخفى على المتتبع انه قد ورد في جل النجاسات العينية بل كلها الامر بغسل ما تنجس بها على الاطلاق فلا يبقى معه مجال للرجوع إلى الأصول العملية ولو فرض عدم وجوده في بعضها أمكن تتميم القول فيه بعدم القول بالفصل كما أنه يمكن ذلك بالنسبة إلى المتنجسات الخالية من أعيان النجاسات على تقدير قصور الاخبار عن شمولها وكذلك بالنسبة إلى ما تنجس
(٦١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 607 608 609 610 611 612 613 614 615 616 617 ... » »»