حلو حامض فعلى هذين التقديرين دلالته على المدعى واضح ويحتمل ان يكون حالا اما من مقدار الدرهم فمعناه الا ان يكون الدم المتحقق في ضمن النقط المفروضة في الثوب مقدار الدرهم حال كون هذا المقدار مجتمعا بان يكون بعض النقط أو جميعها بسعة الدرهم فما زاد فعلى هذا التقدير أيضا شاهد على المدعى واما من ضمير يكون الراجع إلى الدم و [ح] فان أريد بالمرجع الطبيعة بلحاظ تحققها في ضمن جميع افراد المفروضة في الثوب وجب التصرف في ظاهر مجتمعا بحمله على إرادة فرض الاجتماع والا لتحقق التنافي بينه وبين ما فرضه السائل من كونه نقطا الا ان يجعل الاستثناء منقطعا وهو خلاف الظاهر وان أريد به الطبيعة بلحاظ تحققها في ضمن كل فرد فرد كان أيضا شاهدا على المطلوب لكن الأنسب على تقدير اراده هذا المعنى جعله خبرا بعد إذ ليس لافراده للفروضة أحوالا مختلفة حتى يراد اثبات الحكم لها في بعض أحوالها كما لا يخفى على المتأمل إذا عرفت ذلك فنقول كون مجتمعا خبرا بعد خبرا وحالا من الخبر أقرب المحتملات وأنسب بحفظ ظاهره لكن الانصاف عدم الوثوق بهذا الاستظهار بحيث يرفع اليد به عن العمومات الدالة على وجوب الإزالة واما مرسلة جميل فقد نوقش فيها بضعف السند واحتمال إرادة فرض الاجتماع من قوله ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم وفيه انه لا ينبغي الالتفات إلى ضعف السند بعد كون الرواية معمولا بها لدى الأصحاب خصوصا مع كون المرسل ممن ادعى الاجماع على تصحيح ما يصح عنه واما حمل الرواية على إرادة فرض الاجتماع فهو تأويل بلا مقتض هذا مع أن الظاهر أن كلمة ان في قوله (ع) وان كان قد رآه صاحبه قبل ذلك وصلية فيكون قوله فلا باس ما لم يكن الدم مجتمعا تفريعا على الكلام السابق فعلى هذا يتعين إرادة الاجتماع الفعلي لا الفرضي كما هو واضح ويمكن الاستدلال أيضا بخبر الجعفي بل وحسنة محمد بن مسلم كما ستعرف تقريبه عند التكلم في أدلة الخصم * (احتج) * القائلون بوجوب الإزالة بعمومات الإزالة وخصوص صحيحة ابن أبي يعفور المتقدمة بدعوى ظهورها في إرادة فرض الاجتماع وباطلاق الامر بإعادة الصلاة على تقدير كون الدم أكثر من قدر الدرهم في رواية الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال في الدم يكون في الثوب ان كان أقل من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة وان كان أكثر من قدر الدرهم وكان رآه ولم يغسله حتى صلى فليعد صلاته وحسنة ابن مسلم قال قلت له في الدم يكون في الثوب على وانا في الصلاة إلى أن قال ولا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم وما كان أقل من ذلك فليس بشئ رأيته قبل أو لم تره وإذا كنت قد رايته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه فان اطلاقهما شامل لصورتي الاجتماع والتفرق و * (فيه) * ان العمومات مخصصه بما عرفت وستعرف واما صحيحة ابن أبي يعفور فقد عرفت انها على خلاف المطلوب أدل ولا أقل من اجمالها واما الخبر ان فيتوجه على الاستدلال بهما ان المتبادر من تعليق الحكم على الطبيعة انما هو بملاحظة كل فرد فرد لا مجموع الافراد ففيما نحن فيه يصدق على كل فرد فرد انه أقل من مقدار الدرهم ثم لو سلم ظهورها في ملاحظة التقدير بالنسبة إلى مطلق الدم الواصل إلى الثوب أعم من أن يكون واحدا أو متعددا تعين صرفهما إلى إرادة الدم المجتمع جمعا بينهما وبين مرسلة جميل الحاكمة عنى مثل هذه الظواهر لو لم نقل بانصرافهما في حد ذاتهما إلى إرادة الدم الواحد المجتمع ثم لو اغمض عن جميع ذلك * (فنقول) * ان المتبادر من مرسلة جميل وخبر الجعفي كونهما مسوقتين لبيان عدم كون هذا المقدار من الدم في الثوب مانعا من الصلاة فيه فكل ثوب يكون فيه دم أقل من الدرهم يجوز الصلاة فيه فلو كان على المصلى أثواب متعدد ويصدق على كل منها ان الدم الكائن فيه أقل من الدرهم فلا بأس بالصلاة فيها بمقتضى اطلاق الروايتين فضم بعض الأثواب إلى بعض وملاحظة التقدير بالنسبة إلى الجميع كما صرح به بعض القائلين بهذا القول مما لاوجه له ودعوى إرادة جنس الثوب الشامل المطلق الثياب الذي لبسه المصلى عارية عن الشاهد كما أن مقتضى ظاهر رواية أبي بصير المتقدمة في صدر المبحث الواردة في دم حكة الجلد كون البدن في حد ذاته موضوعا مستقلا للحكم فيستفاد العفو عنه من تلك الرواية ويستفاد العفو عما في ثوبه إذا كان أقل من الدرهم من هذه الروايات فلا وجه لانضمام أحدهما إلى الاخر كما هو صريح بعضهم اللهم الا ان يناقش في تلك الرواية ببعض ما عرفت في محله ويقال ان العفو عن البدن انما استفيد من اخبار الثوب بمعونة الاجماع و * (كيف) * كان فقد ظهر ان القول الأول أظهر ويشهد له أيضا كما يؤيد إرادة الاجتماع الفعلي من الخبرين المتقدمين خبر الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة قال لا وان كثر ولا بأس أيضا بشبهه من الرعاف ينضحه ولا يغسله قوله (ع) ينضحه ولا يغسله راجع إلى دم البراغيث الذي سبق الكلام لبيان حكمه فقوله (ع) ولا بأس أيضا بشبهه من الرعاف جملة معترضة سبقت للتنبيه على مساواة دم الرعاف لدم البراغيث في عدم مانعيته من الصلاة إذا كان شبيها به في كونه شبه النضح متفرقا غير مجتمع فما يظهر من صاحب الحدائق من الميل إلى طهارة دم الرعاف في مثل الفرض حيث إنه لو لم يكن طاهرا لكان الامر بنضحه موجبا لتكثير نجاسته ضعيف فإنه وان كان قد يترائى من الرواية ذلك لكن يتعين صرفها إلى ما ذكرنا جمعا بينها وبين صحيحة ابن أبي يعفور المتقدمة وغيرها من الأخبار الدالة على نجاسته وكيف كان فالرواية صريحة في العفو عن دم الرعاف الذي يشبه البراغيث ومقتضى اطلاقها عدم الفرق بين ما لو كان مجموعه أقل من الدرهم أو أكثر نعم لا يبعد دعوى انصراف الاطلاق عما
(٥٩٥)