مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٩٨
النجاسات كالخف المتخذ من جلد الميتة والقلنسوة المنسوجة من شعر الكلب والخنزير ويشكل ذلك بما دل على عدم جواز الصلاة في الميتة مطلقا حتى في شسع النعل مثل ما رواه ابن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام في الميتة قال لا تصل في شئ منه ولا في شسع وما رواه الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الخفاف التي تباع في السوق فقال اشتر وصل فيها حتى تعلم أنه ميت بعينه وخبر علي بن حمزة ان رجلا سئل أبا عبد الله (ع) وانا عنده عن الرجل يتقلد السيف ويصلى فيه قال نعم فقال الرجل ان فيه الكيمخت قال وما الكيمخت فقال جلود دواب منه ما يكون ذكيا ومنه ما يكون ميتة فقال ما علمت أنه ميتة فلا تصل فيه وموثقة سماعة بن مهران انه سئل أبا عبد الله (ع) في تقليد السيف في الصلاة وفيه الفراء والكيمخت فقال لا بأس ما لم تعلم أنه ميتة ومكاتبة عبد الله بن جعفر إلى أبي محمد عليه السلام يجوز للرجل ان يصلى ومعه فارة المسك فكتب لا بأس به إذا كان ذكيا ولا تعارض هذه الروايات الأخبار المتقدمة النافية للباس عن الصلاة فيما لا يتم فيه الصلاة إذا كان عليه شئ من القذر لا لمجرد كون هذه الأخبار أخص من تلك الروايات بل لظهور تلك الأخبار في إرادة المتنجس وانصرافها عما إذا كان الثوب بنفسه متخذا من نجس العين فمن هنا قد يقوى في النظر عدم العفو عن اجزاء الميتة من غير فرق بين حملها ولبسها أو جعلها جزء من الملبوس بل ولا العفو عن الثوب المتخذ من نجس العين كالكلب والخنزير فإنه مع ما عرفت مما فيه من الاشكال من حيث كونه من فضلات غير المأكول خارج من منصرف الأخبار الدالة على الجواز لكن الأخبار المانعة من استصحاب اجزاء الميت ربما يعارضها موثقة إسماعيل بن الفضل قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الجلود والخفاف والنعال والصلاة فيها إذا لم تكن من ارض المصلين (المسلمين) فقال النعل والخفاف فلا بأس بهما ولا يخفى عليك ان النعل والخفاف المصنوعة في غير ارض المصلين محكومة بكونها ميتة لأصالة عدم التذكية فالرواية بضميمة هذا الأصل كادت تكون صريحة في الجواز من غير فرق بين ان يكون مقصود السائل هو السؤال عن حكمها بلحاظ كونها ميتة أو احتمال كونها من غير المأكول وقيام احتمال كون ما يؤتى به من ارض الكفار من جلد غير المأكول يصحح الاستدلال بالرواية للعفو عن اجزاء غير المأكول فيما لا يتم فيه الصلاة بواسطة ترك الاستفصال مع اطلاق نفى البأس عن النعل والخفاف اللهم الا ان يكون اتخاذهما من جلد غير المأكول خلاف المتعارف وكيف كان فالقدر المتيقن انما هو دلالة الرواية على جواز الصلاة في النعل المتخذ ممن لا يعتد بتذكيته ولا يحل اكل ما في يده من اللحوم وان احتمل كونه مذكى لأصالة عدم التذكية نعم لو منعنا جريان اصالة عدم التذكية وقلنا بان محتمل التذكية بحكم المذكى أشكل الاستدلال بالرواية للمدعى لامكان تنزل اطلاق نفى البأس على صورة الشك في التذكية وكون التفصيل بين النعل والخفاف وغيرهما من لباس الجلود بواسطة احتمال كونها من غير المأكول فليتأمل ويدل على نفى البأس عنه أيضا رواية الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال كل ما لا يجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكة الإبريسم والقلنسوة والخف والزنار يكون في السراويل ويصلى فيه فان الجمع بين التمثيل للقاعدة المذكورة في الرواية بالخف وغيره مع أن احتمال مانعية الخف من الصلاة بحسب الظاهر انما هو بلحاظ كونه جلد الميتة أو متنجسا أو من غير المأكول فذكره في عداد الأمثلة يكشف عن أن المقصود بالكلية ليس بيان ضابطة في خصوص الحرير بل هي قاعدة مسوقة لبيان اختصاص الشرايط التي اعتبرها الشارع في لباس المصلي بما يتم فيه الصلاة دون غيره وان شئت قلت إن مقتضى عموم قوله كل مالا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه انما هو جواز الصلاة في كل شئ من شأنه عدم جوازها فيه لو كان مما يتم فيه الصلاة وذكر الأمثلة مع اختلاف جهات المنع فيها يؤكد هذا العموم ولا يعارضه شئ من الأخبار الدالة على اشتراط الطهارة أو كونه غير ميتة أو غير مأكول لحكومة مثل هذا العموم على مثل هذه الأدلة لكونه بمدلوله اللفظي ناظرا إليها كما لا يخفى نعم انما يعارضه كالموثقة المتقدمة الأخبار الخاصة المتقدمة الدالة على عدم جواز الصلاة في اجزاء الميتة ولو في شسع نعل أو قلادة سيف أو نحوهما مما لا يتم فيه الصلاة وربما يجمع بين هاتين الروايتين وبين اخبار المنع بحمل تلك الأخبار على الكراهة وهو لا يخلو من اشكال فان رفع اليد عن ظواهر تلك الأخبار بهاتين الروايتين مشكل اما رواية الحلبي فواضح فان التصرف فيها بحملها على مالا ينافي تلك الأخبار أهون من عكسه فان تلك الأخبار أخص من هذه الرواية فيخصص بها عمومها ولا ينافيه التمثيل بالخف حيث إن الغالب اخذه من سوق المسلمين ويدهم التي هي امارة التذكية فالشك في مانعية من الصلاة غالبا لا يكون الا لاشتماله على النجاسة العرضية أو كونه من غير المأكول فليتأمل واما الموثقة فهي وان كانت قوية الدلالة على الجواز لكنها مع معارضتها باخبار المنع قد يعارضها ما دل على عدم جواز الانتفاع بجلد الميتة فمن هنا قد يغلب على الظن إرادة نفى البأس عن النعل والخفاف لدى عدم العلم بكونهما من الميتة فكان الشارع الغى في المورد اعتبار اصالة عدم التذكية لا انه أباح الصلاة فيما علم كونه ميتا حتى يعارض الأخبار المتقدمة ولا ينافيه التفصيل بين النعل والخف وبين لباس الجلود لامكان ان يكون المنع عن لباس الجلود بلحاظ احتمال كونها من غير المأكول وهذا الاحتمال بالنسبة إلى النعل والخف اما غير معتنى به لضعفه أو غير مضر لكونه مما لا يتم فيه الصلاة كما هو أحد القولين في المسألة وكيف كان فرفع اليد عن ظواهر تلك الأخبار بهذين الخبرين في غاية الاشكال اللهم الا يعضدهما فهم الأصحاب وفتواهم لكن الشان انما هو في استكشاف فتواهم من كلماتهم بالنسبة إلى هذه الفروع فإنها لا تخلو عن اضطراب فلابد فيه من مزيد تتبع وتأمل فالمسألة موقع تردد والله
(٥٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 593 594 595 596 597 598 599 600 601 602 603 ... » »»