مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٩٦
لو تفاحش الدم نظرا إلى ندرة فرض بلوغ ما يصيب الثوب من دم الرعاف شبه النضح الموجب لشباهته بدم البراغيث مرتبة التفاحش وكون العفو عنه دون مقدار الدرهم إذا كان مجتمعا مستبعدا فيكون الاستبعاد المغروس في الذهن بضميمة ندرة الفرض منشأ لصرف الاطلاق وليس تنظيره بدم البراغيث لدى ورد التصريح بنفي البأس عن كثيره منافيا لذلك لأن التشبيه انما وقع بين حكميهما لابين الموضوعين حتى يقتضى اطلاق التشبيه عموم المنزلة كما لا يخفى على المتأمل والحاصل ان دعوى خروج فرض التفاحش من منصرف هذه الرواية فضلا عن غيرها من الأخبار المتقدمة غير بعيدة فيشكل بالنسبة إليه رفع اليد عن عمومات الإزالة فيتجه بذلك اختيار القول الثالث والا فلا دليل عليه بالخصوص عدا المرسل المحكى عن دعائم الاسلام عن الباقر والصادق عليهما السلام انهما قالا في الدم يصيب الثوب يغسل كما تغسل النجاسات ورخصا في النضح اليسر منه ومن سائر النجاسات مثل دم البراغيث وأشباهه قال لا فإذا تفاحش غسل وهو مع ضعف سنده لا يصلح الا للتأييد وكيف كان فالقول باعتبار عدم التفاحش لو لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط بل لا ينبغي ترك الاحتياط بإزالة ما زاد عن المقدار المعفو عنه في الدم المتفرق أيضا خصوصا إذا كان في ثوب واحد فان القول بوجوبها في الفرض لا يخلو من وجه وان كان الأوجه ما عرفت والله العالم * (فروع الأول) * لو أزيل عين الدم المعفو عنه من الثوب بفرك ونحوه فالظاهر بقاء حكمه أي العفو عنه فان الأصل بقاء الثوب على ما كان عليه من جواز الصلاة فيه و يدل عليه أيضا الأخبار المتقدمة بالفحوى * (الثاني) * لا يلحق بالدم المايع المتنجس به لعدم الدليل عليه دعوى عدم زيادة حكم الفرع عن أصله غير مسموعة في الاحكام التعبدية * (نعم) * لو وقع مايع طاهر في الدم واستهلك فيه بحيث لم يخرج الدم من مسماه لم يتغير حكمه وكذا لو أصاب الثوب المتنجس بالدم المعفو عنه مايع طاهر فتنجس ولم يكن مؤثرا في زيادة نجاسة الثوب على وجه يستند إليه عرفا انفعاله بالمتنجس كما لو وقع قطرة ماء على المكان النجس ولم يتعد إلى ما حوله بمقدار يعتد به عرفا أو القى الثوب المتنجس بالدم في ماء كر واخرج مع بقاء عين الدم فيه أو اصابه المطر كذلك فالظاهر بقائه على ما كان إذ لم يتغير الموضوع عرفا فليستصحب حكمه والله العالم * (الثالث) * لو تردد الدم الذي رأى في الثوب بين كونه مما عفى عنه أو من دم الحيض ونحوه استصحب جواز الصلاة في الثوب ولا يصح في مثل المقام من الشبهات الموضوعية التي لم يكن الشك فيها ناشيا من اجمال المخصص التمسك بعمومات الإزالة كما تقرر في محله وكذا لو تردد بين كونه أقل من الدرهم أو أكثر لا لأجل الجهل بمقدار الدرهم الذي عرفت فيما سبق حكمه بل لعوارض خارجية كما لو كان كخط مستطيل أو كان متفرقا وقلنا باعتبار التقدير في الدم المتفرق أيضا فتردد بواسطة استطالته أو تفرقه بين الأقل والأكثر فلا يمكن احراز أحد الوضعين بالأصل لأن الأصل لا يجدي في تشخيص مقدار الحوادث فالمرجع استصحاب جواز الصلاة في الثوب ان كان مسبوقا بالعلم واستصحاب المنع ان كان مسبوقا بالمنع كما لو كان في السابق مشتملا على دم كثير فأزيل عنه وبقى مقدار يسير منه مردد بين كونه أقل من الدرهم أو أكثر ولو لم يكن له حالة سابقة معلومة أو منع من استصحابها مانع كما لو كان من أطراف الشبهة المحصورة وجبت ازالته لقاعدة الاشتغال وكذا الكلام في الفرض السابق لو فرض تعذر استصحاب جواز الصلاة في الثوب بواسطة العلم الاجمالي أو غيره من الموانع وقد يقال في مثل المقام بابتنائه على أن طهارة الثوب هل هي شرط في الصلاة أو ان نجاسته مانعة منها فعلى الأول يجب احرازها وعلى الثاني لم يجب لأصالة عدم المانع وفيه ما تقرر في محله من أنه لم يتحقق لهذا الأصل مستند عدا الاستصحاب والمفروض عدم جريانه في المقام لعدم العلم بالحالة السابقة أو لكونه من أطراف العلم الاجمالي واستصحاب عدم حدوث ما يمنع المكلف من الدخول في الصلاة لا يجدي في اثبات عدم مانعية النجاسة الموجودة إذ لا اعتداد بالأصول المثبتة كما تقدم تحقيقه في باب الوضوء في مسألة ما لو شك في وجود الحاجب أو حاجبية الموجود عن وصول الماء إلى البشرة فراجع ولكنك ستعرف في كتاب الصلاة في مسألة الصلاة فيما يشك في كونه مما يؤكل لحمه انه على القول بالمانعية لا حاجة إلى احراز عدم مانعية الموجود كي يكون من الأصول المثبتة فبناء المسألة على ذلك لا يخلو من قوة * (الرابع) * لو اجتمع الدم وتراكم بعضه على بعض أشكل استفادة العفو عما دون الدرهم منه من النصوص والفتاوى لامكان انصرافها دعوى عن ذلك فالأحوط التجنب عنه إذا اجتمع بقدر الحمصة وما زاد كما نبهنا عليه في توجيه رواية مثنى بن عبد السلام الواردة في دم حكة الجلد * (الخامس) * لو تفشى الدم من أحد جانبي الثوب إلى الاخر فدم واحد على الظاهر بنظر العرف * (نعم) * لا يبعد صدق الدم المتعدد في بعض فروضه [فح] يراعى التقدير بالنسبة إلى مجموع الجانبين بناء على فرض الانضمام والا فكل منهما دم مستقل يراعى حكمه والله العالم ويجوز الصلاة فيما لا يتم الصلاة فيه منفردا وان كان فيه نجاسة لم يعف عنها في غيره مما يتم الصلاة فيه منفردا بلا خلاف فيه في الجملة بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويشهد له جملة من الاخبار منها موثقة زرارة عن أحدهما قال كلما كان لا يجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس ان يكون عليه الشئ مثل القلنسوة والتكة والجورب وعن عبد الله ابن سنان عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال كل ما كان على الانسان أو معه مما لا تجوز الصلاة فيه فلا بأس ان يصلى فيه وان كان فيه قذر مثل القلنسوة والتكة الكمرة والنعل والخفين وما أشبه ذلك ومرسلة حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يصلى في الخف الذي قد اصابه قذر قال إذا كان مما لا تتم الصلاة فيه فلا بأس ومرسلة ابن أبي البلاد عن أبي عبد الله قال لا بأس بالصلاة في الشئ الذي لا تجوز
(٥٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 591 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 ... » »»