مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٥٢
ويحتمل قويا ان يكون بعض أصنافه مسبوقا بالمسكرية دون بعض ولم يثبت ان البختج اسم لمطلقة حتى يمكن الاستشهاد بالرواية بواسطة ترك الاستفصال لاثبات العموم وما عن بعض من تفسيره بالعصير المطبوخ بحسب الظاهر تفسير بالأعم ولا نلتزم بحجية ظواهر قول اللغويين من باب التعبد ما لم يحصل الوثوق بصدقه حتى يكون اطلاقه حجة علينا وملخص الكلام ان غاية ما يمكن اثباته بهذه الرواية ان العصير المطبوخ الذي كان يسمى بختجا إذا طبخ على النصف ولم يذهب ثلثاه هو خمر فهو نجس ولا ملازمة بينه وبين كون ساير افراد العصير أيضا كذلك و دعوى عدم القول بالفصل بينه وبين سائر الافراد فاسدة بعد فرض جواز كون المفروض في مورد الرواية خمرا حقيقية لان القول بالتفصيل بين الخمر وغيرها محقق فلا مقتضى لرفع اليد عما يقتضيه الأصول والقواعد بالنسبة إلى ساير الافراد التي ثم يثبت كونها خمرا وان احتمل فيها ذلك كما ادعاه المستدل نعم لو ألزمنا بكون الحمل في الرواية مجازيا وأريد به التشبيه التام أمكن الاستدلال بها للمدعى بدعوى ان مقتضى اطلاقه عموم وجه الشبه ولا أقل من ظهوره في إرادة الاحكام الظاهرة التي منها النجاسة فيتم القول في غير مورد الرواية بعدم القول بالفصل لكن يتوجه عليه بعد الغض عما أشرنا إليه سابقا من كون النجاسة في زمان صدور الرواية من الأوصاف الخفية التي كانت الروايات فيها ورواتها مختلفة فيها فلا ينسبق إلى الذهن ارادتها ان سوق الرواية سؤالا وجوابا يشهد بان الجهة الملحوظة في الرواية انما هي جهة الحرمة فهي التي يتبادر منها لاغير اللهم الا ان يقال إنه إذا تعذر ابقاء الحمل على ظاهره فالأقرب حمله على إرادة كونه خمرا شرعا بالالتزام بان موضوع الخمر لدى الشارع في مقام اثبات احكامه أعم من الخمر العرفية على وجه عم هذا الفرد فيكون التصرف الشرعي متعلقا بالموضوع بتعميم دائرة الخمر بلحاظ احكامها ومقتضاه ثبوت جميع الأحكام الشرعية وان كانت خفية للفرد الذي أوجب علينا التعبد بكونه خمرا وهذا بخلاف ما لو أريد به التشبيه فإنه ينصرف إلى الجهة الظاهرة لكنك عرفت امكان ابقاء الحمل على حقيقته بالنسبة إلى مورد السؤال فلا يتوجه الاستدلال به الا في خصوص المورد هذا كله مع أن الرواية لم تثبت بهذا المتن فان الكليني روى هذا الحديث مقتصرا في الجواب على قول لا تشربه من غير ذكر هو خمر والكليني أوثق في ضبط الروايات فاحتمال عدم الزيادة في حد ذاته وان كان أقوى من احتمال عدم النقص الا انه معارض بأوثقية الكافي من حيث الضبط من التهذيب لكن مع ذلك قد يقال بان الظاهر عدم الزيادة فيكون الظاهر معاضدا لأصالة عدم السهو في ظرف الزيادة فيترجح بذلك على معارضه وان شئت قلت إن أصالة عدم سهو الكليني في ضبط الحديث لا تصلح مانعا من العمل بما رواه الشيخ خصوصا مع احتمال ان يكون ترك الكليني لهذه الفقرة من باب الاختصار والنقل بالمعنى فرفع اليد عن الفقرة التي رواها الشيخ بمجرد كونها متروكة في الكافي مشكل لكن هون الامر قصورها من حيث الدلالة ولو سلم ظهورها في المدعى فليس على وجه يعتمد عليه مع ما في مستنده من الوهن في اثبات الحكم المخالف للأصل لولا موافقته للاحتياط واستدل ايض للقول بالنجاسة بقول الصادق عليه السلام في مرسل ابن الهيثم بعد ان سئل عن العصير يطبخ في النار حتى يعلى من ساعته فيشربه صاحبه إذا تغير عن حاله وغلا فلا خير فيه حتى يذهب ثلثاه وقوله (ع) في خبر أبي بصير وقد سئل عن الطلا ان طبخ حتى يذهب اثنان ويبقى واحد فهو حلال وما كان دون ذلك فليس فيه خير بتقريب انه لو كان طاهرا لكان فيه خير ولو على تقدير حرمته وفيه مالا يخفى إذ ليس الخير المتوقع من العصير بل الطين وسقى الأشجار وربما يستشهد له بالاخبار المبنية لبدو امر الخمر من مقاسمة إبليس عليه اللعنة الكرم مع ادم ونوح عليهما السلام على الثلث والثلثين فكان خط إبليس منه ثلثين فلذا اعتبر ذهابه إذا طبخ العصير ففي بعضها فما كان فوق الثلث من طبخها فلابليس وهو حظه وما كان من الثلث فما دونه فهو لنوح (ع) وهو حظه وذلك الحلال الطيب فيشرب [الخ] ففي توصيف الحلال بالطيب اشعار بكون حظ إبليس الحرام الخبيث والخباثة المغايرة للحرمة ليست الا النجاسة ونحوه ما في بعض تلك الروايات ومن هنا طاب الطلاء على الثلث وفيها مالا يخفى وربما يوجه الاستدلال بهذه الاخبار بأنها تدل على أن حرمة العصير المشتمل على الثلثين حرمة خمرية وحرمة الخمر المايعة يتبعها نجاستها وفيه ان النجاسة تدور مدار اسم الخمر لا حرمتها فغاية ما يفهم من مثل هذه الأدلة اشتراك العصير مع الخمر في الحرمة دون سائر الأحكام التعبدية الثابتة لعنوان الخمر من حيث هو فتلخص لك ان القول بالطهارة هو الأشبه وقد فصل ابن حمزة في الوسيلة بين ما إذا غلا العصير بنفسه أو بالنار فخص النجاسة بالأول وصرح بأنه لو غلا بالنار حرم ولم ينجس ولم يعلم مستنده اللهم الا ان يكون من القائلين بالطهارة ويكون حكمه بالنجاسة عند غليانه بنفسه بناء منه على اندراجه بذلك في المسكرات المايعة التي حكم بنجاستها ويقوى هذا الاحتمال عدم تعرضه عند تعداد النجاسات لذكر العصير لكن يبعده انه جعله عند التعرض لذكره في باب الأشربة من قسم الشراب الغير المسكر وكيف كان فان أراد بذلك ادعاء صيرورته مسكرا بمجرد الغليان بنفسه فعهدته على مدعيه والمرجع على تقدير الشك أصالة الطهارة وان أراد التفصيل بين القسمين فهو مما لاوجه له * (ثم) * انه ان قلنا بنجاسته فهل ينجس بمجرد الغليان أولا ينجس الا إذا اشتد كما صرح به غير واحد وجهان والمراد بالاشتداد على ما صرح به بعض اشتداد نفس العصير أي ثخونته وقوامه وعن ظاهر الشهيد في الذكرى والمحقق الثاني اعتبار مسمى الثخونة الحاصلة بمجرد الغليان ولو لم يحس بها وعن فخر الدين في حاشية الارشاد ان المراد بالاشتداد عند الجمهور الشدة المطربة وعندنا ان يصير أسفله أعلاه
(٥٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 547 548 549 550 551 552 553 554 555 556 557 ... » »»