رواية الحضرمي عمن اخبره عن علي بن الحسين عليه السلام الخمر من خمسة أشياء من التمر والزبيب والحنطة والشعير والعسل وعن تفسير العياشي عن عامر مثله الا أنه قال الخمر من ستة أشياء وزاد على الخمسة المذكورة الذرة وعن مجمع البيان عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى انما الخمر الآية قال يريد بالخمر جميع الأشربة التي تسكر وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله الخمر من تسع من التبع وهو العسل [الخ] وعن القمي في تفسيره عن أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) في تفسير قوله تعالى يا أيها الذين امنوا انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام اما الخمر فكل مسكر من الشراب إذا خمر فهو خمر وما اسكر كثيره فقليله حرام وذلك أن أبا بكر شرب قبل ان تحرم الخمر فسكر فجعل يقول الشعر ويبكي على قتلى المشركين من أهل بدر فسمع النبي صلى الله عليه وآله فقال اللهم امسك على لسانه فامسك على لسانه فلم يتكلم حتى ذهب عنه السكر فانزل الله تحريمها بعد ذلك وانما كانت الخمر يوم حرمت بالمدينة فضيخ البسر و التمر فلما نزل تحريمها خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقعد بالمسجد ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون فيها فكفاها كلها وقال هذه كلها خمر وقد حرمها الله فكان أكثر شئ كفى في ذلك اليوم يومئذ من الأشربة الفضيخ ولا اعلم أنه كفى يومئذ من خمر العنب شئ الا اناء واحد كان فيه زبيب وتمر جميعا واما عصير العنب فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شئ حرم الله الخمر قليلها وكثيرها وبيعها وشرائها والانتفاع بها الحديث وهذه الأخبار كما تريها تدل على كون الخمر اسما للشراب المسكر وظاهرها كونه على سبيل الحقيقة فيفهم نجاسة ساير المسكرات أيضا من جميع ما دل على نجاسة الخمر وربما يستدل له أيضا بخبر علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي (ع) قال إن الله سبحانه لم يحرم الخمر لاسمها ولكن حرمها لعاقبتها فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر وفيه ان المتبادر من السياق إرادة التشبيه بها من حيث الحرمة دون النجاسة وكيف كان ففيما عداه غنى و كفاية فإنه بعد الإحاطة بما تقدم لا يبقى مجال للتشكيك في اتحاد حكم الخمر مع غيرها من المسكرات المايعة من حيث النجاسة والحرمة لكن الشان انما هو في اثبات نجاسة الخمر فإنه ربما يناقش في أدلتها اما في الاجماعات المنقولة فبعدم الحجية خصوصا مع معروفية الخلاف من عظماء الأصحاب واما الآية فبمنع الدلالة فان المشهور بين أهل اللغة كما صرح به في المدارك ان الرجس هو المآثم ويؤيد ارادته في خصوص المقام جعله من عمل الشيطان فلا يناسب حمله على أعيان المذكورات فالمراد بها استعمالها الذي هو من عمل الشيطان ولو سلم كونه بمعنى النجس فالنجس يطلق لغة على كل مستقذر وان لم يكن نجسا بالمعنى الشرعي ولم يثبت كونه لدى الشارع حين نزول الآية حقيقة في خصوص هذا المعنى وعلى تقدير تسليم كونه حقيقة فيه يشكل ارادته في المقام لأنه يقتضى نجاسة الميسر وما بعده لوقوعه خبرا عن الجميع ولا قائل به ودعوى كونه خبرا عن خصوص الخمر وكون المقدر لغيرها غيره مجازفة لشهادة السياق باتحاد الجميع من حيث الحكم فالمراد بالاجتناب عن المذكورات ترك استعمالها بحسب ما هو المتعارف فيها واما الاخبار فهي معارضة بالاخبار الكثيرة المتقدمة النافية للبأس عنه وما عن المشهور من حمل هذه الأخبار على التقية جمعا بينها وبين اخبار النجاسة ليس بأولى من حمل تلك الأخبار على الاستحباب بل هذا هو الأولى في مقام الجمع خصوصا مع ما في الحمل على التقية من الاشكال حيث إن المشهور بين العامة على ما حكى عنهم هو النجاسة فيحتمل صدور اخبار النجاسة من باب التقية و اشتمال بعضها على ما ينافي التقية من نجاسة النبيذ وحرمة الجرى ونحوها لا ينفى احتمال صدورها تقية بالنسبة إلى الخمر وما يشاركه في الاسكار وما يقال من احتمال صدور اخبار الطهارة رعاية لميل سلطان الجور ولموافقتها لفتوى ربيعة الرأي الذي كان معاصرا للصادق (ع) * (ففيه) * ان غاية الأمر قيام احتمال صدور هذه الأخبار تقية كاحتمال صدور اخبار النجاسة أيضا كذلك فحمل اخبار الطهارة على التقية مع موافقة اخبار النجاسة لأكثر العامة تحكم نعم لو ثبت ترجيح اخبار النجاسة بسائر المرجحات بحيث تعين الاخذ بها اتجه حينئذ حمل اخبار الطهارة على التقية فرارا من الطرح المرغوب عنه لكن الأوجه حينئذ رد عملها إلى أهله فان صدور مثل هذه الأخبار الكثيرة رعاية لميل سلطان الوقت أو فتوى بعض فقهائهم في غاية البعد لكن الانصاف ان حمل اخبار النجاسة على الاستحباب مشكل لاباء بعضها عن ذلك فان جملة منها كادت تكون صريحة في عدم جواز الانتفاع بما وقع فيه الخمر حتى بالاكتحال منه في غير الضرورة وان استهلكت فيه بان قطر منها مثلا قطرة في حب من الماء أو المرق الكثير وهذه الخاصية من اثار النجس المصطلح فان أمكن التفكيك بين الآثار بالالتزام بوجوب الاجتناب عما فيه الخمر ولو مع استهلاكه دون وجوب غسل ملاقيه والتجنب عنه في الصلاة ووجوب إعادة الصلاة الواقعة فيه وغير ذلك من اثار التنجس اتجه الجمع بين الاخبار بالالتزام به وحمل الاخبار الامرة بغسل الملاقى وإعادة الصلاة ونحوها على الاستحباب جمعا بينها وبين اخبار الطهارة التي هي بمنزلة النص الغير القابل للتأويل لكن التفكيك مشكل إذ لم يعرف القول به من أحد بل لا يبعد مخالفته للاجماع فالحق ان الاخبار متعارضة لا يمكن الجمع بينهما من حيث المدلول فالمتعين هو الرجوع إلى المرجحات الخارجية وقد عرفت ان احتمال صدور احدى الطائفتين تقية لا يصلح مرجحا لها لقيام هذا الاحتمال في كلتا الطائفتين فان جعلنا شهرة العمل بالرواية من المرجحات أو قلنا بان اعراض المشهور عن اخبار الطهارة أوهنها لكان الترجيح مع اخبار النجاسة لكن الانصاف ان اعراضهم عنها ليس على وجه يسقطها عن الحجية فهي اخبار مستفيضة مشهورة عمل بها بعض الأصحاب لا يكون طرحها الا تعارض مكافئ وما يصلح لمعارضتها ليس الا بعض اخبار النجاسة الذي لا يقبل الحمل على الاستحباب وهذا البعض من حيث هو
(٥٤٨)