عن عمومات الحل الواردة في الكتاب والسنة المعتضدة بالمستفيضة الحاضرة للشراب المحرم في المسكر كرواية الفضل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن النبيذ فقال حرم الله الخمر بعينها وحرم رسول الله (ع) من الأشربة كل مسكر ورواية يونس بن عبد الرحمن عن مولى حريز بن يزيد قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام فقلت له انى اصنع الأشربة من العسل وغيره وانهم يكلفوني صنعتها فاصنعها لهم فقال اصنعها وادفعها إليهم وهى حلال قبل ان تصير مسكرا والاخبار الخاصة الدالة على دوران حرمة النبيذ مدار وصف الاسكار مع كون المراد بالنبيذ في بعضها خصوص الشراب المتخذ من الزبيب منها رواية حنان بن سدير قال سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله (ع) ما تقول في النبيذ فان أبا مريم يشربه ويزعم انك امرته بشربه فقال صدق أبو مريم سئلني عن النبيذ فأخبرته انه حلال ولم يسئلني عن المسكر ثم قال إن المسكر ما اتقيت فيه أحد سلطانا ولاغيره قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل مسكر حرام وما اسكر كثيره فقليله حرام فقاله له الرجل هذا النبيذ الذي اذنت لأبي مريم في شربه أي شئ هو فقال اما أبي فكان يأمر الخادم فيجئ القدح فيجعل فيه زبيبا ويغسله غسلا نقيا ويجعله في اناء ثم يصب عليه ثلاثة مثله أو أربعة ماء ثم يجعله بالليل ويشربه بالنهار ويجعله بالغداة ويشربه بالعشي وكان يأمر الخادم بغسله الاناء في كل ثلاثة أيام لئلا يغتلم فان كنتم تريدون النبيذ فهذا النبيذ ورواية عبد الرحمن بن الحجاج قال استأذنت لبعض أصحابنا على أبى عبد الله عليه السلام فسئله عن النبيذ فقال حلال فقال أصلحك الله انما سئلتك عن النبيذ الذي يجعل فيه العكر فيغلى حتى يسكر فقال أبو عبد الله (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل ما اسكر حرام [الخ] ورواية الكلبي النسابة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن النبيذ فقال حلال فقلت انا ننبذه فنطرح فيه العكر وما سوى ذلك قال شه شه تلك الخمرة المنتنة [الخ] وصحيحة صفوان الجمال قال كنت مبتلا بالنبيذ معجبا به فقلت لأبي عبد الله (ع) أصف لك النبيذ فقال بل انا أصفه لك قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل مسكر حرام وما اسكر كثيره فقليله حرام فقلت له هذا نبيذ السقاية بفناء الكعبة فقال ليس هكذا كانت السقاية انما السقاية زمزم افتدرى أول من غيرها قلت لا قال عباس بن عبد المطلب كانت له جلة أفتدري ما الجلة قلت لا قال الكرم فكان ينقع الزبيب غدوة ويشربونه بالعشي وينقعه العشى ويشربونه من الغد يريد ان يكسر غلظ الماء عن الناس وان هؤلاء قد تعدوا فلا تشربه ولا تقربه وصحيحة معاوية بن وهب قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان رجلا من بنى عمى وهو رجل من صلحاء مواليك يأمرني ان أسئلك عن النبيذ واصفه لك فقال انا أصف لك قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل مسكر حرام وما اسكر كثيرة فقليله حرام إلى غير ذلك من الاخبار التي يستفاد منها دوران الحرمة مدار وصف الاسكار وبعضها كالصريح في عدم الفرق بين انحاء النبيذ من المطبوخ وغيره في إناطة حرمته بالمسكرية فلو سلم ظهور الأخبار المتقدمة في الحرمة فالمتعين تأويلها بما لا ينافي هذه الأخبار نعم رواية زيد كادت تكون صريحة في سببية الغليان من حيث هو للحرمة لكنك عرفت قصورها من حيث السند فضلا عن صلاحيتها لمعارضة هذه الأخبار واما ما في غير واحد من الاخبار من اطلاق النهى عن شرب النبيذ فالمراد به هو النبيذ المسكر الذي كان متعارفا شربه في تلك الأزمنة كما أن ما في موثقة سماعة من المنع من طبخ التمر والزبيب للنبيذ مطلقا لم يكن الا بلحاظ صيرورته مسكرا كما يشهد لذلك ذيلها قال سئلته عن التمر والزبيب يطبخان للنبيذ فقال وقال كل مسكر حرام وقال قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل ما اسكر كثيرة فقليله حرام وقال لا يصلح في النبيذ الخميرة وهى العكر فهذه الموثقة أيضا كغيرها من الأخبار المتقدمة تدل على انحصار سبب الحرمة في الاسكار لكن ربما يستشعر منها بل وكذا من غيرها من الاخبار التي تقدم بعضها كون النشيش والغليان ملازما للاسكار فمن هنا قد يتوهم امكان الجمع بين هذه الأخبار وبين رواية زيد بجعل الغليان معرفا وطريقا تعبديا للمسكرية التي هي المناط للحرمة ويدفعه مضافا إلى ما عرفت في مبحث العصير العنبي من وهن احتمال دوران وصف الاسكار حدوثا وارتفاعا مدار الغليان وذهاب الثلثين مطلقا حتى تنزل الرواية على الطريقة التعبدية دون السببية ان مقتضى ايكال تشخيص الموضوع إلى السائل في جملة من الأخبار الدالة على انحصار السبب في الاسكار كون الامر في معرفة كونه مسكرا موكولا إلى العرف لا إلى التعبد الشرعي فالأظهر دوران الحرمة مدار صفة الاسكار والرجوع في موارد الشك في المسكرية إلى ما يقتضيه الأصول العملية لكن الانصاف انه لولا الخدشة في رواية زيد بضعف السند واعراض المشهور عنها لكان رفع اليد عنها بمثل هذه الروايات في غاية الاشكال فالحكم بالنظر إليها لا يخلو عن تردد والاحتياط مما لا ينبغي تركه لكن قد أشرنا إلى أن غاية ما يمكن استفادته من تلك الرواية كغيرها من اخبار الحرمة لو سلمت دلالتها انما هو هي سببية غليان ماء الزبيب لحرمته فلا يعم الزبيب المطبوخ في الطعام الذي لا يؤثر طبخه في صيرورة مائه حلوا فضلا عن الزبيب المحموض في الدهن أو الموضوع على الطعام الذي يطبخ ببخاره أو المخلوط بغير المايع فإنه لا ينبغي الاستشكال في حليته في شئ من هذه الصور بل وكذا لو اختلط ماء الزبيب بغيره على وجه استهلك فيه ولم يصدق معه غليان ماء الزبيب بل وكذلك الحكم في ماء العنب الممزوج بغيره المستهلك فيه وعليه ينزل ما عن مستطرفات السرائر عن كتاب مسائل الرجال عن أبي الحسن (ع) ان محمد بن عيسى كتب إليه عندنا طبخ يجعل فيه الحصرم وربما يجعل فيه العصير من العنب وانما هو لحم يطبخ به وقد روى عنهم في العصير انه إذا جعل على النار لم يشرب حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه وان الذي يجعل من العصير في القدر بتلك المنزلة وقد اجتنبوا اكله إلى أن يستأذن مولانا في ذلك فكتب لا بأس بذلك * (واما) * العصير التمري فالمعروف أيضا طهارته وحليته ما يسكر بل يظهر
(٥٥٥)