بالغليان انتهى وأنت خبير بأنه ليس في الأدلة المتقدمة على تقدير تماميتها ما يشعر باعتبار الاشتداد في موضوع الحكم ومن هنا قد يغلب على الظن ان كل من حكم بطهارة العصير بعد غليانه ما لم يشتد ونجاسته بعده ان مراده بالشدة هي الشدة المطربة فيكون من القائلين بالطهارة وكل من قال بنجاسته فسر الاشتداد بما يساوق الغليان فأراد به اما مطلق الثخونة الحاصلة بالغليان كما فسره الشهيد وأراد به صيرورة أسفله أعلاه بالغليان وهذه عبارة أخرى عن القلب المفسر به الغليان الموجب للحرمة في صحيحة الحلبي فعلى هذا يكون تقييد الموضوع به بعد اعتبار الغليان من باب التأكيد فلا يبقى للقول بحدوث الحرمة قبل النجاسة مجال اللهم الا ان يلتزم بحدوث الحرمة بمجرد الاخذ في الفوران واشتراط النجاسة باشتداد لكنك عرفت انه ليس في أدلة النجاسة ما يشعر باعتبار هذا الشرط نعم وقع التقييد به في معقد الاجماع المتقدم حكايته عن كنز العرفان فان اعتمدنا عليه في اثبات النجاسة اتجه القول بالاشتراط كما أنه يتجه ذلك ان استندنا فيه إلى موثقة معاوية بن عمار المتقدمة فان التخطي عن موردها لا يكون الا بضميمة عدم القول بالفصل وهو لا يتم الا فيما إذا حصل بعد الغليان قوام وثخونة محسوسة بنظر العرف لان هذا هو القدر المتيقن من مورد عدم القول بالفصل هذا كله في العصير العنبي واما العصير الزبيبي فمما لا ينبغي الاستشكال في طهارته ولو على القول بنجاسة العصير العنبي بل في الحدائق الظاهر أنه لا خلاف في طهارته وعدم نجاسة بالغليان فانى لم أقف على قائل بالنجاسة هنا وبذلك صرح في الذخيرة أيضا انتهى وعن شرح الوسائل لبعض معاصري صاحب الحدائق ان الاجماع منعقد على عدم نجاسة غير عصير العنب لكن قد يلوح مما حكى عن المقاصد العلية وقوع الخلاف فيه أيضا حيث قال بعد حكمه بحرمة العصير العنبي وتوقيف نجاسته على الاشتداد ولا يلحق به عصير التمر وغيره اجماعا ولا الزبيب على أصح القولين وكيف كان فالذي يمكن ان يستدل به لنجاسته على القول بنجاسة العصير العنبي انما هو استصحاب حكمه الثابت له حال الغيبة والخدشة فيه بان المستصحب وهو نجاسة ماء العنب على تقدير غليانه تعليقي فلا اعتداد به لأنه يعتبر في الاستصحاب كون المستصحب موجودا قبل زمان الشك * (مدفوعة) * برجوعه إلى استصحاب امر محقق وهو سببية غليانه للنجاسة وتمام الكلام فيه في محله واضعف من ذلك المناقشة فيه بمعارضة باستصحاب الطهارة قبل الغليان مع ترجيح الثاني بالشهرة وغيرها لحكومة الاستصحاب الأول على الثاني كما لا يخفى لكن يتوجه عليه الخدشة فيه بتغير الموضوع لان الزبيب بنظر العرف كالحصر موضوع مغاير للعنب هذا مع أنه ليس للزبيب ماء حتى يستصحب سببية غليانه للنجاسة والماء الخارجي الممزوج بالاجزاء اللطيفة منه لم يكن ينجس بالغليان والذي كان ينجس بالغليان انما هو ماء العنب الذي لم يبق بعد جفافه ودعوى كون غليانه حال العنبية سببا لنجاسة الماء الخارجي الممزوج به أيضا مغالطة فان نجاسة الماء الخارجي الممزوج بماء العنب عند غليانه مسببة عن الملاقاة للنجس والمزج أو الاستهلاك فيه لا عن الغليان وكيف كان فلا خفاء في مغايرة عصير الزبيب لعصير العنب ذاتا ووصفا لغة وعرفا ومقتضى الأصل فيه الطهارة ما لم يرض له صفة الاسكار بل مقتضى الاستصحاب التعليقي الذي تقدمت الإشارة إليه أيضا ذلك اللهم الا ان يناقش فيه بتغير الموضوع فليتأمل وهل يحرم بالغليان كعصير العنب أم لا فيه قولان أشهرهما بل المشهور كما ادعاه غير واحد عدم الحرمة وعن غير واحد من المتأخرين وفاقا لبعض فضلائنا المتقدمين القول بالحرمة واستدل للقول بالحرمة برواية زيد البرسي عن الصادق عليه السلام في الزبيب يدق ويلقى في القدر ويصب عليه الماء فقال حرام حتى يذهب ثلثاه قلت الزبيب كما هو يلقى في القدر وقال هو كذلك سواء إذا أدت الحلاوة إلى الماء فقد فسد كلما غلا بنفسه أو بالنار فقد حرم حتى يذهب ثلثاه ويفهم من الشرطية المذكورة في الرواية انتفاء الفساد ما لم تتأد الحلاوة إلى الماء وان غلا الماء وانقلب فيه الزبيب والمراد بتأدية الحلاوة إليه بحسب الظاهر ليس مطلق تغير طعمه ولو مع بقائه بصفة الاطلاق بل صيرورته حلوا على وجه صدق عليه عرفا ماء الزبيب حتى يتحقق التسوية بينه وبين الماء المنصب على الزبيب المدقوق الملقى في القدر الذي يحرم بالغليان ويحل بذهاب ثلثيه ولو فرض ظهوره في الاطلاق لتعين صرفه إلى ذلك فان الماء المطلق لا يفسد ولا يحرم بالغليان وقوله (ع) كلما غلا [الخ] كأنه مسوق لبيان وجه الفساد فكأنه قال لافرق بين ان يدق الزبيب ويلقى في القدر أو يلقى كما هو في القدر ويصب عليه الماء بعد تأدية حلاوته إليه في كون غليان الماء المتغير به بنفسه أو بالنار موجبا لحرمته إلى أن يذهب ثلثاه وكيف كان فالرواية صريحة في كون غليان نقيع الزبيب موجبا لحرمته لكنها غير نقية السند يشكل الاعتماد عليها مع مخالفتها للمشهور و * (استدل) * له أيضا برواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سئلته عن الزبيب هل يصلح ان يطبخ حتى يخرج طعمه ثم يؤخذ الماء فيطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ثم يرفع فيشرب منه السنة فقال لا بأس به وموثقة عمار الساباطي قال وصف لي أبو عبد الله عليه السلام المطبوخ كيف يطبخ حتى يصير حلالا فقال تأخذ ربعا من زبيب وتنقيه ثم تصب عليه اثنى عشر رطلا من ماء ثم تنقعه ليلة فإذا كان أيام الصيف وخشيت ان ينش جعلته في تنور سخن قليلا حتى لا ينش ثم تنزع الماء منه كله إذا أصبحت ثم تصب عليه من الماء بقدر ما يعمره ثم تغليه حتى تذهب حلاوته ثم تنزع مائه الاخر فتصبه على الماء الأول ثم تكيله كله فتنظر كم الماء ثم تكيل ثلثه فتطرحه في الاناء الذي تريد ان تغليه وتقدره وتجعل قدره قصبة أو عودا فتحدها على قدر منتهى الماء ثم تغلى الثلث الاخر حتى يذهب الماء الباقي ثم تغليه بالنار فلا تزال تغليه حتى يذهب الثلثان ويبقى الثلث ثم تأخذ لكل ربع رطلا من عسل
(٥٥٣)