مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٥٦
من غير واحد دعوى الاجماع عليه ويشهد له مضافا إلى عمومات الحل والطهارة جملة من الأخبار الدالة على إناطة حرمته بالانكار مثل ما رواه في الكافي بسنده عن محمد بن جعفر عن أبيه عليه السلام قال قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله قوم من اليمن فسألوه عن معالم دينهم فأجابهم فخرج القوم بأجمعهم فلما ان ساروا مرحلة قال بعضهم لبعض نسينا ان نسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عما هو أهم الينا فنزل القوم وبعثوا وفدا لهم فاتى الوفد رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان القوم قد بعثونا إليك يسئلونك عن النبيذ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وما النبيذ صفوه لي قال يؤخذ التمر فينبذ في اناء ثم يصب عليه الماء حتى يمتلي ثم يوقد تحته حتى ينطبخ فإذا انطبخ أخرجوه فالقوه في اناء آخر ثم صبوا عليه ماء ثم يمرس ثم يصفوه بثوب ثم القى في اناء ثم صب عليه من عكر ما كان قبله ثم هدر وغلا ثم سكن على عكره فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا هذا قد أكثرت أفيسكر قال نعم فقال كل مسكر حرام قال فخرج الوفد حتى انتهوا إلى أصحابهم فأخبروهم بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله فقال القوم ارجعوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى نسئله عنه شفاها ولا يكون بيننا وبينه سفير فرجع القوم جميعا فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان ارضنا ارض دوية ونحن قوم نعمل الزرع ولا نقوى ذلك العمل الا بالنبيذ فقال صفوه لي فوصفوه كما وصفه أصحابهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أفيسكر قالوا نعم قال كل مسكر حرام وحقا على الله ان يسقى كل شارب مسكر من طينة خبال أتدرون ما طينة خبال قالوا لا قال صديد أهل النار إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الدالة عليه التي تقدم جملة منها انفا فما حكى عن بعض من القول بالحاقه بالعصر العنبي ضعيف واستدل له بعموم ما دل على حرمة كل عصير غلا ولم يذهب ثلثاه وفيه ما عرفته فيما سبق واستدل له أيضا ببعض الاخبار الجملة القاصرة عن إفادة المدعى كما لا يخفى على من تأمل فيها فضلا عن صلاحيتها المعارضة ما عرفت و ترجيحها عليه فلا يهمنا الإطالة في ابرازها وانما تعرضنا لحكم العصير من حيث الحلية والحرمة مع خروجه مما يقتضيه المقام تبعا لغير واحد من الاعلام لكون المسألة من المهمات والله العالم بحقايق احكامه * (التاسع) * من النجاسات الفقاع اجماعا كما عن جماعة نقله لكن الظاهر ارادتهم بذلك عدم الخلاف فيه بين القائلين بنجاسة الخمر لا مطلقا ويدل عليه مضافا إلى عدم القول بالفصل على الظاهر بينه وبين الخمر الأخبار المستفيضة بل المتواترة التي حكم فيها بكونه خمرا مثل ما رواه الكليني بسنده عن الوشا قال كتبت إليه يعنى الرضا (ع) أسئله عن الفقاع قال فكتب حرام وهو خمر الحديث وما رواه عن ابن فضال قال كتبت إلى أبى الحسن (ع) أسئله عن الفقاع فقال هو الخمر وفيه حد شارب الخمر وعن عمار بن موسى قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الفقاع فقال هو خمر وعن حسين القلانسي قال كتبت إلى أبى الحسن الماضي أسئله عن الفقاع فقال لا تقربه فإنه من الخمر وعن محمد بن سنان عن أبي الحسن الرضا (ع) نحوه وعنه أيضا قال سئلت أبا الحسن الرضا (ع) عن الفقاع فقال هي الخمر بعينها وعن الحسن بن جهم وابن فضال جميعا قالا سئلنا أبا الحسن (ع) عن الفقاع فقال هو خمر مجهول وفيه حد شارب الخمر إلى غير ذلك من الاخبار التي في بعضها هي خمرة استصغرها الناس وفى بعضها هو خمر مجهول وفى بعضها اطلاق لفظ الخميرة عليه والذي يظهر من هذه الأخبار كونه فردا حقيقيا للخمر لكن من افرادها الخفية التي لم تكن يعرفها الناس فيثبت له احكامها التي منها النجاسة ولو أريد بها الحمل المجازى فظاهرها إرادة التشبيه التام أو التنزيل الموضوعي بادراجه في موضوع الخمر تعبدا بلحاظ احكامه الشرعية على سبيل الاجمال المقتضى لثبوت جميع احكامه ظاهرة كانت أم خفية كما لا يخفى على المتأمل فيها ويشهد له أيضا خبر أبي جميلة البصري قال كنت مع يونس ببغداد وانا امشي في السوق ففتح صاحب الفقاع فقاعه فقفز فأصاب ثوب يونس فرأيته قد اغتم لذلك حتى زالت الشمس فقلت له يا أبا محمد الا تصلى فقال ليس أريد ان اصلى حتى ارجع إلى البيت فاغسل هذا الخمر من ثوبي فقلت هذا رأى رأيته أو شئ ترويه فقال أخبرني هشام بن الحكم انه سئل الصادق عليه السلام عن الفقاع فقال لا تشربه فإنه خمر مجهول فإذا أصاب ثوبك فاغسله وضعف سنده مجبور بما عرفت وكيف كان فلا اشكال في الحكم بناء على نجاسة الخمر كما هو الظاهر وانما الاشكال في تشخيص موضوعه فقد اختلفت كلمات الأصحاب فيه فربما يظهر من غير واحد منهم كونه اسما لشراب كان يتخذ من ماء الشعير فقط قال في مجمع البحرين الفقاع كرمان شئ يشرب يتخذ من ماء الشعير فقط وليس بمسكر ولكن ورد النهى عنه انتهى وعن المدنيات انه شراب معمول من الشعير وعن السيد المرتضى ره انه نقل عن أبي هاشم الواسطي ان الفقاع نبيذ الشعير فإذا نش فهو خمر ويظهر من جملة منهم عدم الاختصاص بكونه من الشعير * (فعن) * السيد في الانتصار والرازيات انه كان يعمل منه ومن القمح وربما يستشعر من هذه العبارة انه اسم لقسم معهود من الشراب وان اتخاذه من الشعير أو الحنطة لحصوله بهما من غير أن يكون لخصوصيتهما دخل في التسمية كما أنه يفهم هذا المعنى من عبارة غيره أيضا مثل ما عن الشهيد أنه قال كان قديما يتخذ من الشعير غالبا ويوضع حتى يحصل له نشيش وكأنه الان يتخذ من الزبيب وعن الشهيد الثاني في الروض أنه قال الأصل في الفقاع ان يتخذ من ماء الشعير كما ذكره في الانتصار لكن لما ورد النهى معلقا على التسمية ثبت له ذلك سواء عمل منه أم من غيره إذا حصل فيه خاصة وهو النشش وقال في الروضة والأصل فيه ان يتخذ من ماء الشعير لكن لما ورد الحكم فيه معلقا على التسمية ثبت لما اطلق عليه اسمه مع حصول خاصته أو اشتباه حاله انتهى وهذا مبنى على كونه من أصله موضوعا للقدر المشترك بينه وبين جميع ما يشاركه في وصف النشيش الذي عبر عنه بالخاصة
(٥٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 551 552 553 554 555 556 557 558 559 560 561 ... » »»