مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٣٥
لم يبرد فلا غسل عليه وان كان قد برد فعليه الغسل إذا مسه ثم إن مقتضى القاعدة تقييده ما اطلق فيها الغسل بمس الميت بعد برده بغيره من الروايات الدالة على اختصاصه بما قبل ان يغسل الميت المصرحة بنفي البأس عن مسه بعد الغسل كما عليه فتوى الأصحاب ولا ينبغي الالتفات إلى ما يستشعر من تعليل نفى الغسل على من ادخله القبر في بعض الأخبار المتقدمة بأنه انما يمس الثياب المشعر بوجوب الغسل عليه لو مس جسده عند ادخاله القبر بعدما ورد التصريح بنفي البأس عنه في الاخبار المقيدة فيكون النكتة في تخصيصه بالذكر في مقام التعليل التنبيه على انتفاء الموضوع المقتضى لوجوب غسل المس ولو على تقدير فساد غسل الميت نعم في موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام التصريح بثبوته بعد الغسل قال يغتسل الذي غسل الميت وكل من مس ميتا فعليه الغسل وان كان الميت قد غسل لكنها مع مخالفتها لاجماع المسلمين كما ادعاه بعض مع كون راويه عمار المقدوح في متفرداته بالخلل واضطراب المتن لا تنهض للحجية فضلا عن معارضة ما عرفت فيجب رد علمها إلى أهله لكن الانصاف ان حملها على الاستحباب في الفرض كما عن التهذيبين جمعا بينها وبين ما دل على نفى البأس عنه واختصاص الوجوب بما قبل الغسل أولى وأوفق بما يقتضيه قاعدة المسامحة فهو الأشبه والله العالم والعجب فيما حكى عن صاحب الذخيرة من أنه بعد نقل جملة من اخبار المسألة قال ولا يخفى ان الامر وما في معناه في اخبارنا غير واضح الدلالة على الوجوب فالاستناد إلى هذه الأخبار في اثبات الوجوب لا يخلو من اشكال انتهى وليت شعري لو نوقش في دلالة هذه الأخبار المتظافرة المعتضد بعضها ببعض التي ورد في جملة منها التعبير بان عليه الغسل وفى بعضها التصريح بوجوب الغسل عليه وفى جملة منها التعبير بصيغة الامر وفى بعضها بالجملة الخبرية مع اعتضادها بفهم الأصحاب وعملهم فكيف يمكن استفادة حكم شرعي وجوبي أو تحريمي من الأدلة السمعية فلا مجال للمناقشة في دلالتها على المدعى نعم ربما يخدش فيها انتصارا للسيد القائل باستحبابه بمعارضتها ببعض الاخبار التي يدعى ظهوره في عدم الوجوب وكونه من الأغسال المستحبة كبعض الأخبار الواردة في بيان عدد الأغسال المتقدمة في محلها من عده في طي الأغسال المسنونة مع ما في بعضها من التصريح بان الفرض هو غسل الجنابة الدال على أن ما عداه من السنن وفى صحيحة الحلبي الامر به وبما هو معلوم الندبية قال اغتسل يوم الأضحى والفطر والجمعة وإذا غسلت ميتا الحديث ورواية الحسن بن عبيد قال كتبت إلى الصادق (ع) هل اغتسل أمير المؤمنين (ع) حين غسل رسول الله صلى الله عليه وآله عند موته فاجابه: النبي صلى الله عليه وآله طاهر مطهر ولكن فعل أمير المؤمنين وجرت به السنة ورواية عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن ابائه عن علي (ع) قال الغسل من سبعة من الجنابة وهو واجب ومن غسل الميت وان تطهرت أجزاك وذكر غير ذلك * (والتوقيع المروى عن الاحتجاج في جواب الحميري حيث كتب إلى القائم عجل الله فرجه روى لنا عن العالم انه سئل عن امام قوم يصلى بهم بعض صلاتهم وحدثت عليه حادثة كيف يعمل من خلفه فقال يؤخر ويتقدم بعضهم ويتم صلاتهم ويغتسل من مسه التوقيع ليس على من مسه الا غسل اليد وإذا لم يحدث حادثة تقطع الصلاة تمم صلاته مع القوم وفى الجميع مالا يخفى اما التوقيع فمحمول على ما إذا مسه قبل ان يبرد الميت كما هو الغالب في مفروض السائل ويشهد له ما روى عنه أيضا قال وكتب إليه وروى عن العالم ان من مس ميتا بحرارته غسل يده ومن مسه وقد برد فعليه الغسل وهذا الميت في هذه الحال لا يكون الا بحرارته فالعمل في ذلك على ما هو ولعله ينحيه بثيابه ولا يمسه فكيف يجب عليه الغسل * (التوقيع) * إذا مسه في هذه الحال لم يكن عليه الا غسل يده واما رواية عمرو بن خالد فهي مع ضعف سندها لا تخلو عن تشابه وقد حمل الشيخ قوله (ع) وان تطهرت أجزاك على التقية الموافقة للعامة قال في الحدائق ويعضده ان رواة الخبر من العامة والزيدية انتهى ويحتمل ان يكون المقصود به ان اغتسلت أجزاك عن الوضوء واما مكاتبه الحسن فعلى تقدير تسليم ظهورها في الاستحباب يحتمل اختصاصها بالمعصومين المنزهين عن الرجس مع أن ظهورها فيه ممنوع فان المتبادر من قوله (ع) وجرت به السنة لو لم يكن إرادة ثبوته في الشرع على وجه اللزوم فلا أقل من كونه أعم من ذلك نعم قد يتراءى من الرواية استتباع جريان السنة به لفعل أمير المؤمنين عليه السلام فلا يناسبه الوجوب إذ لو كان واجبا لثبت في أصل الشرع لكن أمير المؤمنين (ع) لم يكن يشرع في الدين فالمقصود بالرواية بحسب الظاهر بيان عدم كون الاغتسال من مسه صلى الله عليه وآله لأجل الاستقذار بل لمتابعة السنة المتبعة فقوله (ع) وجرت به السنة في قوة التعليل لفعله (ع) لا انه تفريع عليه واما ذكره مع الأغسال المسنونة وجعله معها في حز الطلب فلا يدل على الاستحباب وغايته الاشعار بذلك فلا اعتداد به في مقابل ما عرفت واما في غير واحد من الروايات من تخصيص الفرض بغسل الجنابة وعد سائر الأغسال التي منها غسل المس من السنن فلا يدل على الاستحباب كما لا يخفى على المتأمل في تلك الروايات ولا بعد ان يكون المراد بالفرض فيها ما ثبت وجوبه بالكتاب و * (كيف) * كان فلا ينهض مثل هذه الروايات شاهد الصرف غيرها من الأدلة ثم إن المنساق إلى الذهن بواسطة المناسبات المغروسة فيه من الامر بالغسل عند مس الميت كون مسه كالجنابة والحيض من الاحداث المقتضية للتطهر منه كما أن المتبادر من الامر بغسل الثوب أو البدن عند إصابة شئ كون ذلك الشئ قذرا شرعا فيكون المقصود
(٥٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 ... » »»