مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٣٩
صحة الفعل عليها بعناوينها الخاصة بحيث يترتب عليها اثارها المخصوصة بها كما لو رأينا شخصا يصلى فانا نحكم بصحة صلاته من حيث هي وترتب على فعله اثر الصلاة الصحيحة من جواز الاقتداء به ونحوه لكن لا يثبت بذلك كون الجهة التي يصلى إليها قبلة وكون ثيابه من غير الحرير أو كونه من مأكول اللحم أو كونه متطهر أو غير ذلك من الشرائط التي يتوقف عليها صحة الصلاة بحيث يكون فعله من حيث هو كالبينة طريقا شرعيا لاحراز تلك الشرايط بعناوينها الخاصة كما تقرر ذلك في محله فلا يحرز الغسل الذي هو من الشرايط صحة الدفن بحمل الدفن على الصحيح حتى يرفع اليد بسببه عن استصحاب النجاسة ووجوب الغسل بمسه نعم لو أحرز مباشرة شخص لتجهيزاته من الغسل وغيره على سبيل الاجمال وشك في صحتها وفسادها حكم بصحة الجميع لكنه خلاف الفرض فان المفروض انه لم يحرز الا خصوص الدفن ونحوه فلا يحرز به الغسل وكيف كان فلا اشكال في الحكم في الفرض ويكفى في احراز كون من جرى عليه يده مسلما كونه في ارض يكون الغالب في أهلها المسلمون إذا الظاهر حجية الغلبة في مثل المقام ومتى لم يحرز جريان يد مسلم عليه بمثل الدفن والكفن ونحوهما فمقتضى الأصل نجاسته ووجوب الغسل بمسه وهل يحكم بوجوب تغسيله ودفنه والصلاة عليه بمجرد احتمال كونه مسلما وكذا بحكم بطهارته بالتغسيل أم لا يحكم بشئ منها الا بعد احراز اسلامه ولو بكونه في ارض يكون الغالب فيها المسلمين لم يحضرني لأصحابنا نص فيه و الذي يقتضيه الأصل براءة الذمة عن التكليف واستصحاب نجاسته بعد الغسل ولا يقاس ذلك بلقيط دار الحرب المحكوم باسلامه مع الاحتمال فان اللقيط انما يشبه ما نحن فيه قبل ان يلتقط والقدر المتيقن من حكمهم باسلامه حينئذ انما هو بلحاظ بعض اثاره الموافقة للأصل كطهارة بدنه وبقاء حريته والا فلم يعرف منهم الالتزام بوجوب تكفينه ودفنه والصلاة عليه لو مات في دار الحرب قبل ان يلتقط نعم بعد الالتقاط ظاهرهم التسالم على جريان احكام المسلمين عليه لكنه لا يشبه المقام لامكان ان يكون منشأه تبعيته للمسلمين بعد اندراجه في زمرتهم من باب التوسعة والتسهيل أو لدخوله في ملك الملتقط في الواقع على تقدير كفر أبويه فتبعه في الحكم على المشهور وان لم يحكم به في مرحلة الظاهر * (فيعلم) * اجمالا بعد الالتقاط تبعيته للمسلم على كل تقدير هذا مع أن عمدة المستند في تلك المسألة الاجماع فلا يقاس عليها غيرها وان كان ربما يشعر بعض كلماتهم كاستدلال بعضهم فيها بقوله (ع) الاسلام يعلو ولا يعلى عليه ان الأصل في المشكوك حاله الاسلام فان هذا الأصل على تقدير تسليمه أصل تعبدي يشكل التمسك به لتشخيص الميت الذي لا يتصف بالاسلام والكفر الا بعلاقة ما كان * (نعم) * لو كان مستندهم في تلك المسألة عموم ما روى من أن كل مولود يولد على الفطرة الحديث اتجه الحكم بالاسلام بمقتضى الاستصحاب لكنهم لم يستندوا إليه بل لم يعتمدوا عليه فكأنهم اعرضوا عنه ولعل وجهه ما تقرر عندهم من تبعية الولد لأبويه في مرحلة الظاهر فلا يكون لفطرته الأصلية التي فطر عليها اثر يتعلق بكيفية العمل بل يكفي في عدم الرجوع إلى العموم احراز تبعية خصوص ولد الكافر لأبويه إذ لا يصح التمسك بالعمومات في الشبهات المصداقية وأصالة عدم التبعية لا أصل لها حيث لم يعلم له حالة سابقة ويجب غسل اليد مثلا دون الغسل على من مس مالا عظم فيه من القطعة المبانة من الميت أو الحي عدا ما عرفت فيما تقدم استثنائه أو قصور أدلة النجاسة عن شموله أو مس ميتا له نفس سائلة من غير الناس ان كان المس برطوبة مسرية سارية لا مطلقا وان كان ذلك أحوط خصوصا في ميتة الانسان كما عرفت تفصيل ذلك كله فيما سبق الخامس الدماء ونجاستها في الجملة مما لا شبهة فيه بل عن غير واحد دعوى اجماع المسلمين عليها بل عدها بعض من ضروريات هذا الدين ولكن لا ينجس منها الا ما كان من حيوان له عرق بان كان له نفس سائلة فما لا نفس له دمه طاهر كما سيأتي تحقيقه واما ماله نفس سائلة فدمه نجس مطلقا عدا ما ستعرف استثنائه سواء حل اكله أم حرم من غير خلاف في عموم نجاسته من كل ذي نفس بل عن جملة من الأصحاب ودعوى الاجماع عليه نعم وقع خلاف لا يعتد في اطلاق نجاسته من حيث القلة والكثرة كما ستعرف تفصيله انشاء الله واستدل عليه عليها مضافا إلى الاجماع بقوله تعالى الا ان يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس وتماميته الاستدلال به مبنى على ظهور الرجس في إرادة النجاسة وعود الضمير إلى كل واحد من المذكورات وفى كلهما تأمل لكن الأخبار الدالة عليه فوق حد الاحصاء الا ان معظمها وردت في موارد خاصة يشكل الاستدلال بها لعموم المدعى الا ببعض التقريبات الآتية وربما يوهم كلمات جملة من الأصحاب كالعلامة وغيره اختصاص النجاسة بالدم المسفوح وهو كما في الحدائق ما انصب من العرق فإنهم قيدوا موضوع المسألة به قال في محكى المنتهى قال علمائنا الدم المسفوح من كل حيوان ذي نفس سائله أي يكون خارجا بدفع من عرق نجس وهو مذهب علماء الاسلام انتهى بل ربما يشعر بذلك استدلال غير واحد منهم على طهارة بعض الدماء بأنه ليس بمسفوح فعن المنتهى أنه قال في الاستدلال على طهارة دم ما ليس له نفس سائلة بأنه ليس بمسفوح فلا يكون نجسا والحق به دم المتخلف في اللحم المذكى إذا لم
(٥٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 ... » »»