الحياة من اجزاء الميتة كما هو واضح ثم إن مقتضى الأصل واطلاقات الأدلة طهارتها مطلقا ما لم تنفعل بملاقاة الميتة بان كانت مكتسية قشرا يمنعها من التأثر بالملاقاة والظاهر أن ما مكتسيه من القشر الرقيق في مبادي نشوها مانع من النفوذ والتأثر ولا أقل من الشك فيه المقتضى للرجوع إلى قاعدة الطهارة لكن الأصحاب قيدوا طهارتها بما إذا اكتست القشر الغليظ وعبائرهم في بيان الاشتراط وان كانت مختلفة حيث عبر بعضهم بالقشر الغليظ وبعضهم بالجلد الغليظ وبعضهم بالقشر الاعلى وغير ذلك ولكن المقصود بحسب الظاهر واحد ويدل عليه موثقة غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله (ع) في بيضة خرجت من است دجاجة ميتة فقال إن كان قد اكتست الجلد الغليظ فلا بأس بها فبها يقيد اطلاقات الأدلة وتوهم ان المقتضى لنجاستها ليس الا الملاقاة للميتة والا فهي طاهرة بالذات كما يدل عليه سائر الأدلة وما شاهده من القشر الرقيق صالح للمانعية من السراية * (مدفوع) * بكونه اجتهادا في مقابلة النص مع قوة احتمال عدم مانعية هذا القشر من السراية ما دامت البيضة في الباطن ويصل إليها الغداء الموجب لنموها مضافا إلى امكان ان يدعى كونها معدودة من اجزاء الميت تبعا قبل استكمال خلقتها فإذا استكملت واستغنت عنها باكتساء قشرها الاعلى عدم عدت شيئا اخر أجنبيا عنها لكن هذه الدعوى غير مجدية بعد ان لم تكن مما يحله الحياة وكيف كان فلا مقتضى لطرح النص أو تأويله مع عمل الأصحاب بها وسلامتها مما يعارضها عدا مطلقات قابلة لصرف لو لم ندع فيها الانصراف أو الاهمال فما ذهب إليه بعض من الطهارة مطلقا ضعيف والله العالم واما اللبن فهو أيضا طاهر على أقوى القولين وأشهرهما بل عن بعض دعوى الشهرة عليه وعن الدروس ندرة القائل بخلافه و عن الخلاف والغنية دعوى الاجماع عليه للمستفيضة المتقدمة المشتملة عليه التي هي صحيحة زرارة ورواية الحسين ومرسلة الفقيه المسندة في الخصال عن ابن أبي عمير بل يمكن الاستدلال له أيضا بحسنة حريز المتقدمة خلافا للمحكى عن سلار والحلي والمصنف والعلامة في كثير من كتبه وغير واحد ممن تأخر عنهم بل عن بعضهم دعوى الشهرة عليه وعن أطعمة غاية المرام انه مذهب المتأخرين وعن الحلى انه لا خلاف فيه بين المحصلين لكن طعنه كاشف الرموز على ما حكى عنه بقوله هذه الدعوى محرمة لان الشيخين مخالفاه والمرتضى ومتابعوه غير ناطقين به فما اعرف من بقي معه من المحصلين انتهى وعمدة مستندهم في الخلاف قاعدة التنجس بالملاقاة والا فلا مقتضى لنجاسته بالذات بعد عدم كونه معدودا من اجزاء الميتة عرفا وعدم حلول الروح فيه على تقدير تبعيته لها وربما يستدل لهم أيضا بخبر وهب بن وهب عن جعفر (ع) عن أبيه ان عليا عليه السلام سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن فقال (ع) ذلك الحرام محضا لكن الرواية ضعيفة السند جدا حتى قيل في حق وهب أنه من اكذب البرية فلا يلتفت إلى روايته واما القاعدة فهي لا تصلح معارضة للاخبار المعتبرة المعمول بها فإنها ليست من القواعد العقلية الغير القابلة للتخصيص وقد تخصصت في ماء الاستنجاء بل في مطلق الغسالة على قول فالقول بالنجاسة ضعيف لكن قواه شيخنا المرتضى بعد ان جعل الأقوى طهارة اللبن بان الرواية وان كانت ضعيفة السند بمن هو من اكذب البرية موافقة لمذهب العامة كما عن الشيخ الا انها منجبرة بالقاعدة كما أن روايات الطهارة وان كانت صحيحة الا انها مخالفة للقاعدة وطرح الأخبار الصحيحة المخالفة لأصول المذهب غير عزيز الا ان تعضد بفتوى الأصحاب كما في الإنفحة أو بشهرة عظيمة توجب شذوذ المخالف وما نحن فيه ليس كذلك انتهى * (أقول) * اما موافقة القاعدة لمثل هذه الرواية لو لم توجب مزيد ارتياب فيها كموافقتها للعامة فلا تصلح جابرة لضعفها فلا يعارض الأخبار المتقدمة الا نفس القاعدة التي هي من القواعد التعبدية المحضة التي غايتها كونها بمنزلة العمومات القطعية القابلة للتخصيص فلاوجه لاشتراط حجية الاخبار المخالفة لها بعد صحتها واستفاضتها باعتضادها بالفتوى فضلا عن اشتراط الشهرة وشذوذ المخالف هذا مع ما عرفت من اشتهار العمل بها قديما وحديثا فكفى به معاضدا ولعمري ان الذي يوقع النفس في الوسوسة ويمنعها من رفع اليد عن مثل هذه القاعدة بالاخبار المعتبرة ليس الا موافقتها للاحتياط والا فقاعدة طهارة الأشياء ومطهرية الماء مثلا أثبت في الشريعة وأوضح مستندا من نفس هذه القاعدة فضلا عن عمومها ولم يزل يرفع اليد عن مثل هذه القواعد بالاخبار البالغة أول مرتبة الحجية واما القواعد التي يشكل رفع اليد عنها الا بنص صحيح صريح معتضد بالفتوى ونحوها فهي القواعد الكلية المعروفة مناطاتها المعتضدة بالعقل والاعتبار مثل قاعدة سلطنة الناس على أموالهم وحرمة دم المسلم وعرضه وماله لامثل قاعدة الانفعال التي عمدة المستند لعمومها الاجماع ونحوه من الأدلة اللبية التي غاية ما يمكن استفادته منها على وجه يستدل به في الموارد الخلافية كون نفس القاعدة التي انعقد عليها الاجماع وارتكزت في أذهان المتشرعة كمتن رواية قطعية قابلة للتخصيص فلا ينبغي الاستشكال في الطهارة لكن ينبغي الاقتصار في الحكم المخالف للأصل على لبن المأكول لكونه القدر المتيقن الذي لا يبعد دعوى انصراف اطلاق الفتاوى والنصوص إليه وان كان القول بطهارته مطلقا لا يخلو من قوة كغيره مما تقدم من الاجزاء التي لا تحله الحياة فإنها طاهرة من كل حيوان حل اكله أم حرم الا أن تكون عينه نجسة كالكلب والخنزير والكافر فإنها
(٥٣٣)