مفروض الانتفاء عند الانفصال وسببية مس يده من حيث هو لم تعلم في السابق حتى تستصحب وبهذا ظهر ما في استدلاله ثانيا من أن الغسل يجب بمسها متصلة فلا يسقط بالانفصال فإنه ان أراد بذلك وجوبه بمس القطعة من حيث هي لا باعتبار تحقق مس الميت بواسطتها فلم يساعد عليه دليل وان أراد به استصحابه ففيه ما عرفت واما ما ذكره ثالثا من النقض بما لو مس جميع اجزاء الميت متفرقا * (ففيه) * انه ان صدق على مس الجميع عرفا مس الميت كما ليس بالبعيد فلا نقض وان لم يصدق فلا مانع من الالتزام به بعد انحصار الدليل فيما دل على وجوب الغسل بمس الميت المفروض انتفائه وما تراه من الاستبعاد عند مس الجميع منشأه تحقق الصدق عرفا في الفرض بملاحظة المجموع الذي وقع المس به والا فلابد فيه أصلا ثم إن هذه الأدلة على تقدير تماميتها لا تتم الا في الجزء المبان من الميت فالحاق المبان من الحي به انما هو بضميمة عدم القول بالفصل كما ادعاه بعض لكن الجزم به مع ما أشرنا إليه من اشعار المتن بالتفصيل مشكل اللهم الا ان يعول فيه على قول مدعيه لكنه في غير محله لما سمعت مرارا من عدم حجية نقل الاجماع ومنه ينقدح ضعف الاستدلال لأصل المدعى أعني وجوب الغسل بالقطعة المشتملة على العظم مطلقا بما ادعاه الشيخ في الخلاف من الاجماع عليه الا ان يدعى اعتضاده بظاهر غيره وبالشهرة المحققة وغيره مما يوجب الوثوق به ويخرجه من حد الاجماع المنقول بخبر الواحد ومما يؤيده أيضا استشعار الملازمة بين غسل الميت الذي عرفت في محله ثبوته لأجزائه المنفصلة المشتملة على العظم وبين الغسل غسل من مسه من الاخبار الامرة بغسل من يغسل الميت وكيف كان فعمدة المستند في المقام هي الروايتان المتقدمتان المعتضدتان بغيرهما مما عرفت من المؤيدات ومنه يظهر عدم وجوب الغسل بمس العظم أو اللحم المجردين كما هو ظاهر المتن وغيره فما عن بعض من القول بوجوبه في العظم المجرد ضعيف نعم قد يعضده رواية إسماعيل الجعفي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن مس عظم الميت قال إذا جاوز سنة فلا بأس فإنها يدل على ثبوت البأس قبل مضئ السنة لكن الرواية مع ضعفها ومهجوريتها من حيث العمل حيث لم يقيده القائلون به بالسنة لا تخلو عن اجمال فإنه لم يعلم إرادة نفى البأس عنه من حيث النجاسة أو عدم الغسل بمسه ويحتمل قويا جرى القيد في الرواية مجرى العادة من خلوص العظم عن اللحم بمضئ السنة فنفى البأس عنه انما هو لذلك فيكون دليلا على عكس المطلوب وحكى عن أبي على تقييد وجوب الغسل بمس القطعة المبانة من الحي بما بينه وبين سنة ولم يعرف مستنده والرواية المتقدمة لا تصلح مستندة له كما قد يتوهم لورودها في عظم الميت دون القطعة المبانة من الحي وكيف كان فضعفه ظاهر * (فرع) * السقط بعد ولوج الروح كغيره يجب الغسل بمسه لصدق الميت عليه واما قبل الولوج بان كان دون الأربعة اشهر فعن المفيد والعلامة في المنتهى انه لا يجب الغسل بمسه لأنه لا يسمى ميتا إذ الموت انما يكون من حيوة لكن صرح ثانيهما بوجوب غسل اليد منه وقد يشكل ذلك بان المتجه حينئذ طهارته الا انه حكى عن بعض عدم الخلاف في نجاسته وربما يوجه ذلك بان نجاسته حينئذ لا لصدق الميتة عليه بل لأنه قطعة أبينت من حي و اعترضه في الجواهر بقوله * (وفيه) * مع بعده في نفسه وعدم انصراف دليل القطعة إلى مثله وكونه على هذا التقدير من اجزاء الحي التي لا تحلها الحياة الا على اعتبار المنشائية انه لاوجه لاطلاق القول بعدم وجوب الغسل بمسه بناء على ذلك بل المتجه حينئذ التفصيل بين المشتمل على العظم منه وعدمه كالقطعة المبانة من الحي انتهى * (أقول) * وهو في محله وما ادعاه بعض من حلول حيوة الام فيه كغيره مما في بطنها من الأحشاء و الأمعاء قابل للمنع بل هو بمنزلة البيضة في بطن الدجاجة لكن مع ذلك يمكن توجيه النجاسة بأنه يستفاد من مثل قوله (ع) ذكوة الجنين ذكوة أمه قبول الجنين للتذكية وان ما عدا المذكى منه ميتة شرعا بل لا يبعد دعوى استفادة هذا المعنى من الأدلة بالنسبة إلى مطلق اللحم المنفصل عن الحيوان كالخارج مع الولد وان لم يصدق عليه اسمه في العرف ولذا حرم اكله فيدل على نجاسة حينئذ ما دل على نجاسته الميتة من كل شئ عدا ما استثنى مما عرفته في ما سبق لا يقال إذا ثبت كونه ميتة يجب الغسل بمسه ان كان فيه عظم بمقتضى مرسلة أيوب بن نوح المتقدمة حيث فرع فيها وجوب الغسل بمس القطعة المبانة من الرجل على كونها ميتة لأنا نقول ليس الحكم متفرعا على مطلق الميتة بل على ميتة الانسان والجنين ليس منها بل هو ميتة تصير انسانا فالقول بالتفصيل لا يخلو من وجه الا ان اثبات نجاسة الميتة بالمعنى المذكور لا يخلو من اشكال وكيف كان فلا ينبغي ترك الاحتياط فيه بالغسل فضلا عن غسل اليد الذي ادعى عليه الاجماع والله العالم * (تنبيه) * لو وجد ميتا أو بعضا منه مطروحا في مقابر المسلمين أو غيرها فان شهدت الامارات الموجبة للوثوق بجريان يد مسلم عليه بتصرفه فيه تصرفا مترتبا على الغسل من تكفينه أو الصلاة عليه أو دفنه حكم بطهارته وعدم الغسل بمسه لكون تصرفه من قبيل تصرف ذي اليد فيما يتعلق به تصرفا مشروطا بالطهارة فإنه كاخباره بالطهارة حجة شرعية على استصحاب النجاسة فليس مستند الحكم مجرد حمل فعله على الصحيح من حيث كونه أصلا تعبديا حتى يتطرق فيه المناقشة بعدم اقتضائه الا الحكم بصحة الفعل الذي أحرز عنوانه من حيث هو ولا يثبت به شرائطه التي توقف
(٥٣٨)