مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٣٧
برطوبة سارية بعد ان كمل غسل رأسه ولم يكمل غسل ساير الجسد فعليه الغسل وغسل يده لصدق وقوع المس قبل الغسل فان بعض الغسل ليس غسلا بل أنيط نفى البأس عن مسه في بعض الأخبار المتقدمة بوقوعه بعد الغسل فما عن بعض من القول بطهارة العضو الذي تحقق الفراغ منه وعدم وجوب الغسل بمسه ضعيف واضعف منه ما عن بعض اخر من التفصيل بين الحكمين فالتزم بطهارة العضو عدم سقوط غسل المس لزعمه اقتضاء القواعد الفقهية زوال النجاسة بمجرد انفصال الغسالة عن العضو وعدم توقف طهارة عضو على غسل عضو اخر وفيه ان هذا انما هو في المتنجسات التي يطهرها الغسل بالفتح لا الميت الذي هو نجس العين وقد جعل الشارع الغسل الذي هو من العبادات مطهرا له كالاسلام للكافر كيف ولو كان جرى الماء عليه من حيث هو موجبا لطهارته كساير المتنجسات لم يكن ذلك مقتضيا الا لطهارة ظاهره الذي جرى عليه الماء دون ما في أحشائه فحكم الميت امر تعبدي مخصوص به لا يشابه غيره حتى يقاس عليه والله العالم وكذا يجب الغسل ان مس قطعة مبانة منه أو من حي بعد البرد وقبل التطهير ان قلنا بقبولها له كما تقدم الكلام فيه في محله وكان فيها عظم على المشهور كما في الجواهر وغيره بل عن صريح الخلاف وظاهر غير واحد من الأصحاب دعوى الاجماع عليه واستدل له بما رواه المشايخ الثلاثة عن أيوب بن نوح عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قطع من الرجل قطعة فهي ميتة فإذا مسه انسان فكل ما فيه عظم فقد وجب على من يمسه الغسل فإن لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه ويستفاد منه حكم المبانة من الميت بالفحوى وتنقيح المناط بشهادة العرف مع امكان ان يدعى صدق الميتة عليها حقيقة الموجب لاندراجها في الموضوع الذي تفرع عليه الحكم مضافا إلى عدم قائل على الظاهر بوجوبه في المبانة من الحي دون الميت وان احتمل وجوده في عكسه كما ربما يستشعر من المتن ويشهد له أيضا ما عن الفقه الرضوي من التصريح به قال فان مسست شيئا من جسد اكل السبع فعليك الغسل ان كان فيما مسست عظم وما لم يكن فيه عظم فلا غسل في مسه خلافا للمصنف في محكى المعتبر حيث لم يوجب الغسل بمس القطعة المبانة مطلقا فإنه بعد ان استدل له بالرواية المتقدمة قال والذي أراه التوقف في ذلك فان الرواية مقطوعة والعمل بها قليل ودعوى الشيخ في الخلاف الاجماع لم يثبت فاذن الأصل عدم الوجوب وان قلنا بالاستحباب كان تفصيا من اطراح قول الشيخ والرواية انتهى وفى المدارك بعد نقل ما سمعته من المعتبر قال وهو في محله * (أقول) * وهو كذلك لو اغمض عن الرواية لكن الظاهر كفاية ما عرفت في جبرها فالقول بالوجوب كما هو المشهور لا يخلو من قوة نعم لا يبعد دعوى انصراف الرواية بل واطلاق الفتاوى عن مثل السن المشتمل على جزء يسير من اللحم كما صرح به بعض وربما استدل له بأمور أيضا مرجعها إلى ما ذكره الشهيد في محكى الذكرى تعريضا على ما تقدم من المعتبر بان هذه القطعة جزء من جملة يجب الغسل بمسها فكل دليل دل على وجوب الغسل بمس الميت فهو دال عليها وبان الغسل يجب بمسها متصلة فلا يسقط بالانفصال وبانه يلزم عدم الغسل لو مس جميع الميت متفرقا انتهى وفى الجميع نظر اما الأول فيرد عليه انه لا يصدق مس الميت عرفا على مس عضوه المنفصل عنه حتى يعمه اطلاق ما دل على وجوب الغسل بمس الميت بل ربما يتأمل في بعض موارد الصدق أيضا في استفادة حكمه من المطلقات كما لو مس جسده الباقي بعد قطع رأسه وأطرافه لامكان دعوى انصراف الاطلاق عنه وان كانت الدعوى غير مسموعة خصوصا بالنظر إلى بعض الأخبار المتقدمة التي ورد فيها الامر بغسل من يغسل الميت مع امكان اثبات وجوبه في مثل الفرض بالاستصحاب بناء على المسامحة العرفية في موضوعه كما هو التحقيق والحاصل ان ما دل على وجوب الغسل بمس الميت لا يدل على وجوبه بمس العضو الذي لا يصدق عليه مس الميت بشئ من الدلالات المعتبرة ولا يقاس ذلك بنجاسته الاجزاء التي اعترفنا باستفادتها من الحكم بنجاسته الميت فانا انما اعترفنا بذلك في باب النجاسة بواسطة بعض المناسبات المغروسة في الذهن الموجبة لالغاء مدخلية الوصف العنواني في موضوعية الموضوع بشهادة العرف حيث لا يتبادر عرفا من قولنا مثلا الحمار ينجس بالموت الا ان موته سبب لنجاسة اجزائه فيكون بمنزلة ما لو قلنا اجزاء الحمار من حيث هي تنجس بالموت بحيث يكون كل جزء جزء في حد ذاته موضوعا مستقلا للنجاسة ومنشأه ان العرف لا يفهمون من نجاسة الشئ الا قذارته شرعا ولا يتعقلون مدخلية الأوصاف الاعتبارية في قذارة اجزائه فلا يرون المؤثر في تنجيس الملاقى الا نفس الجزء الذي لاقاه فلو لاقى يد الميت مثلا برطوبة مسرية يحكمون بسراية النجاسة من خصوص يده إلى ما لاقاه من غير مدخلية ساير الأعضاء فيها وهذا بخلاف ساير الأحكام التعبدية المحضة التي منها وجوب الغسل بمسه أو التيمم بدلا منه فإنه لا سبيل للعرف إلى تشخيص موضوعاتها الا بالتلقي من الشرع فلا يعرفون ان وجوب الغسل في المثال مسبب عن مس اليد من حيث هو أو بواسطة كونه مسا للميت فمتى انفصلت اليد عن جسد الميت ولم يصدق على مسها مس الميت يشك في ثبوت الحكم فينفي بالأصل ولا بحال للتمسك بالاستصحاب فاثباته كما قد يتوهم لأنه فرع احراز الموضوع والقدر المتيقن الذي علم ثبوته عند اتصال اليد بالميت انما هو وجوب الغسل بمس الميت المتحقق بمس يده وهو
(٥٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 ... » »»