مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٣٦
بالغسل التطهر منه لا التعبد المحض كما يشهد لذلك التعليل بالطهارة لما اصابه به نضح الميت في بعض الروايات المتقدمة فلا يجب الا إذا وجب تحصيل الطهارة لغاياته الواجبة من صلاة ونحوها هذا مع أن الظاهر عدم الخلاف فيه وان أبيت الا عن ظهور الاخبار في وجوبه مطلقا ولو عند عدم وجوب فعل الصلاة ونحوها فنقول كفى صارفا لها عن ظاهرها عدم الخلاف فيه بل الاجماع عليه كما ادعاه بعض فيكون اطلاق الامر بغسل مس الميت كاطلاق الامر بغسل الثوب عند إصابة النجاسات في أغلب اخبارها بلحاظ وجوبه المقدمي ومما يؤيد كونه حدثا مانعا من الصلاة مضافا إلى ما عرفت ما عن الفقه الرضوي انه (ع) قال بعد ذكر غسل الميت وان نسبت الغسل فذكرته بعد ما صليت فاغتسل واعد صلاتك وهل ينتقض الوضوء بالمس فلو مس الميت بعد ان كان متطهرا فعليه إعادة الوضوء أيضا لو لم نقل بالاجتزاء بكل غسل من الوضوء فيه وجهان أحوطهما ذلك والله العالم ثم إن مقتضى اطلاق النصوص والفتاوى كما عن جماعة التصريح به عدم الفرق في وجوب الغسل بين كون الممسوس مسلما أو كافرا وما احتمله في محكى المنتهى والتحرير من اختصاصه بالأول نظرا إلى اقتضاء تقييده في الفتاوى والنصوص بما قبل الغسل كون المفروض موضوعا فيها هو الميت الذي يطهر الغسل وعلله أيضا بان مس الكافر لا يزيد عن مس البهيمة والكلب ضعيف في الغاية فان تعليله الذي ذكره أخيرا مع كونه قياسا يتوجه عليه ان ايجاب الغسل بمسه لو لم يكن موجبا لنقصه فلا يوجب مزيته على أخويه حتى يتوهم اختصاصه بالمؤمن فلعل ثبوته في الكافر أولى واما التقييد الواقع في النصوص والفتاوى فلا يفهم منه الا قصر الحكم أي انتفاء الوجوب بمس الميت من الانسان بعد ان غسل غسلا صحيحا لا قصر الموضوع وتخصيصه بمن يطهره الغسل ولذا لم يفهمه منها أحد هذا مع خلو معظم الاخبار عن هذا القيد وانما قيدناها بقرينة منفصلة دالة على نفى البأس عن مس الميت بعد تغسيله وهى لا تقتضي الا صرف الحكم الوارد في الأخبار المطلقة عن خصوص هذا الفرض نعم مورد أكثر اخبار الباب هو مس الميت الذي يراد تغسيله فلا يكون الا موتى المسلمين لكن الأحكام الشرعية لا تخصيص بمواردها مع أن فيما عداها مما يظهر منه الاطلاق من الأخبار المتقدمة غنى وكفاية مثل خبر علي بن جعفر وصحيحة محمد بن مسلم الامرة بغسل من يغمض الميت بعد برده ورواية عبد الله بن سنان الدالة على وجوب الغسل على من مس الميت وقبله بعد برده وما رواه الحميري فيما كتبه إلى الصاحب عجل الله فرجه عن العالم من أن من مس ميتا بحرارته غسل يده ومن مسه وقد برد عليه فعليه الغسل وكذلك لافرق بمقتضى الاطلاقات بين المس باي جزء من اجزاء البدن لأي جزء من اجزاء الممسوس وان لم تكن مما تحله الحياة منهما بعد صدق اسم المس عليه وعدم انصرافه عنه نعم الظاهر عدم الصدق في الشعر المسترسل ماسا كان أم ممسوسا كاطراف اللحية وما يسترسل من الرأس بخلاف أصولها الساترة للبشرة فإنه ربما يصدق على مسها مس الميت كما ظهر لك تحقيقه في مبحث مسح الرأس في الوضوء وكيف كان فما حكى عن بعض من اعتبار المس بما تحله الحياة لما تحله الحياة في وجوب الغسل ضعيف لعدم إناطة صدق المس عرفا بكون الماس أو الممسوس مما حل فيه الحياة ولذا لا يشك أحد في تحقق مس الميت بامرار اليد على رأسه مع مستورية بشرته بشعره وعدم وقوع المس الا على الشعر نعم ربما يشك في صدق اسم المس أو انصراف اطلاقه بالنسبة إلى بعض الافراد كما إذا لاقى طرف ظفره مثلا جسد الميت أو عكسه لا لكون الماس أو الممسوس مما لا تحله الحياة بل لعدم الاعتداد عرفا بمثل هذه الملاقاة أو كون مفهوم المس لديهم أخص من مطلق الإصابة فإنه ربما يشك أيضا في الصدق أو الانصراف فيما لو لاقاه بطرف إصبعه ملاقاة خفيفة وان كان الظاهر تحقق الصدق حقيقة في جميع الصور وان أمكن دعوى الانصراف عنها وكيف كان فيرجع عند الشك في الصدق إلى استصحاب الطهارة وعدم وجوب الغسل واما عند الشك في الانصراف بعد تحقق صدق الاسم فمتى رفع اليد عن أصالة الاطلاق والرجوع إلى الأصول العملية اشكال والاحتياط مما لا ينبغي تركه * (تنبيه) * حكى عن جماعة التصريح بعدم وجوب الغسل بمس الشهيد وربما استظهر ذلك من المتن حيث قيده بما قيل تطهيره فان مقتضاه خروج الشهيد الذي لا يغسل ولا يتنجس بالموت على ما صرح به بعض لكن في الاستظهار نظر والحكم موقع تردد فان مقتضى اطلاقات جملة من الاخبار ثبوته ودعوى شهادة سياق الاخبار وبإرادة غيره ممن يجب غسله غير مسموعة لكن يبعده خلو الاخبار الحاكية للغزوات الصادرة عن النبي صلى الله عليه وآله والوصي (ع) عن امر من يباشر دفن القتلى بغسل المس مع حصول المس غالبا بل ربما يستشعر مما ورد في باب الشهيد كونه بحكم المغسل لكن رفع اليد بمثل هذه الأمور عما يقتضيه الاطلاقات مشكل فوجوبه لو لم يكن أقوى فلا ريب في أنه أحوط * (نعم) * الظاهر عدم وجوبه بمس المقتول قودا أو حدا إذا اغتسل عند قتله لما عرفت في محله من أن الظاهر كون الغسل المتقدم بمنزلة تغسيله بعد الموت كما أن المتجه عدم وجوبه بمس الميت الذي يمموه بدلا من غسله لدى الضرورة لتناثر جلده ونحوه وكذا بمس الميت المسلم الذي غسله الكافر عند فقد المماثل والمحرم وكذا الميت الذي غسل بلا مزج الخليطين لتعذره أو اقتصر فيه على الأقل من الغسلات الثلاث لاعواز الماء ونحوه لما عرفته في محالها لكن الاحتياط مما لا ينبغي تركه في شئ من الصور * (تكملة) * لا يسقط غسل المس ولا يطهر شئ من بدن الميت مما حل فيه الروح الا بعد اكمال غسله فلو مس رأسه مثلا
(٥٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 531 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 ... » »»