مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٥٢١
ما علم كونه من مصاديق ذلك النجس اما تفصيلا كما في افراده المعلومة بالتفصيل أو اجمالا كما في الشبهة المحصورة واما ما احتمل كونه مصداقا له فلم يحرز بالنسبة إليه تكليف حتى يجب امتثاله وان شئت قلت فيما نحن فيه ان الحية مثلا لم يعلم وجوب الاجتناب عن بولها وخرئها وما دل على وجوب الاجتناب عن فضلة كل ذي نفس انما يقتضى وجوب الاجتناب عن فضلتها على تقدير كونها من ذي النفس لا مطلقا لكن التقدير غير محقق فالتكليف مشكوك والمرجع فيه البراءة وقاعدة الطهارة نعم بناء على شمول ما دل على النجاسة لفضلة غير ذي النفس أيضا واستثنائها منه بدليل منفصل من اجماع ونحوه قد يقال إن مقتضى القاعدة عدم رفع اليد عن حكم العام الا فيما علم كونه من افراد المخصص لكنك عرفت مرارا ضعف هذا القول وعدم جواز التمسك بالعمومات في الشبهات المصداقية فظهر بما ذكرنا بطلان مقايسة ما نحن فيه بالوقت والقبلة ونحوهما من الشرائط التي يتوقف القطع بصحة الصلاة الواجبة على احرازها فان الثاني مرجعه إلى الشك في المكلف به والأول في أصل التكليف كما لا يخفى الثالث المنى وهو نجس من كل حيوان ذي نفس حل اكلة أو حرم اجماعا كما ادعاه جملة من الأصحاب وشهد له التتبع بل الناظر في الفتاوى ربما يستكشف من جزمهم بالحكم كون المسألة من المسلمات التي لا يحوم حولها شائبة الشبهة والخلاف وهذا هو المعتمد في اثبات المدعى على سبيل العموم والا فالأخبار الدالة على نجاسة المنى وان تظافرت و تكاثرت لكنها قاصرة عن إفادة العموم خصوصا بالنسبة إلى ماحل اكله سيما مع عموم قوله (ع) في موثقة عمار وكل ما اكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه وقوله (ع) في موثقة ابن بكير الواردة في لباس المصلي وان كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شئ منه جايز الخ وأوضح ما يستدل به للعموم من الاخبار صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال ذكر المنى وشدده وجعله أشد من البول ثم قال إن رأيت المنى قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة الصلاة وان أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثم رايته بعد فلا إعادة عليك وكذلك البول وصحيحته الأخرى عن أحدهما قال سئلته عن المذي يصيب الثوب فقال ينضحه بالماء ان شاء وقال في المنى يصيب الثوب قال إن عرفت مكانه فاغسله وان خفى عليك فاغسله كله ورواية عنبسة بن مصعب قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن المنى يصيب الثوب فلا يدري أين مكانه قال يغسله كله إلى غير ذلك من الروايات التي تقرب من هذه الروايات في المضمون وأنت خبير بان تعارف إصابة منى الانسان إلى ثوبه وعدم تعارف غيره بل ندرته يصرف اطلاق لفظ المنى إليه نعم ربما يستشعر من الصحيحة الأولى التي ذكر فيها المنى وشدده وجعله أشد من البول اطراد التشديد فيه في كل حيوان بل ربما يدعى ظهورها في ذلك وفيه نظر فان المنساق إلى الذهن هو التشديد في المنى المعهود الذي يبتلى به الناس ويصيب الثوب كما يؤيده قوله (ع) بعد ذلك ان رأيت المنى الحديث وعلى تقدير التسليم فلا يفهم منها أزيد من نجاسته المنى لكل حيوان نجس بوله ودعوى ان أشديته من البول انما هي بلحاظ نجاسته من مأكول اللحم الذي لا ينجس بوله والا فهو في غير المأكول كالبول وليس باشد منه * (مدفوعة) * بكونه رجما بالغيب وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في الحكم بعد انعقاد الاجماع عليه وما في بعض الأخبار من الاشعار بطهارة منى الانسان أو الدلالة عليها مما لا ينبغي الالتفات إليه بعد مخالفته للاجماع والاخبار المتكاثرة الدالة على النجاسة مع ما فيها من احتمال التقية وقبولها للتوجيه القريب الغير المنافى للنجاسة كما لا يخفى على المتأمل وحيث انك عرفت ان عمدة المستند للتعميم هي الاجماع علمت أنه لا ينبغي التردد في منى ما لا نفس له حيث لا اجماع على نجاسته بل لعل الاجماع منعقد على طهارته لكن مع ذلك ان تحقق لشئ منها بول بان كان له فرج مخصوص ببوله ففي منيه أيضا كبوله تردد حيث جعل المنى في الصحيحة أشد من البول ولكن الطهارة أشبه حتى على تقدير الالتزام بنجاسة بوله لعموم دليلها لما عرفت من أن الصحيحة لا تخلو عن شوب اجمال والله العالم * (تنبيه) * كلما يخرج من القبل والدبر عدا البول والغايط والمني والدم من مذي أو وذي أو ودي أو قيح أو نحوها من رطوبة أو غيرها طاهر وحكى عن بعض العامة القول بنجاسته الجميع لخروجها من مجرى النجاسة وهو باطل إذ لا اثر لملاقاة المجرى بل ولا لملاقاة النجاسات قبل خروجها في الظاهر نعم حكى عن ابن الجنيد القول نجاسته المذي الخارج عقيب شهوة وناقضيته للوضوء ومستنده على الظاهر ليس الا الاخبار التي عرفتها عند البحث عن عدم ناقضية المذي وعرفت ما فيها من القصور وعدم الصلاحية لمعارضة غيرها مما هو صريح في خلافها وربما يستشهد له في خصوص المقام برواية الحسين بن أبي العلا قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن المذي يصيب الثوب قال إن عرفت مكانه فاغسله وان خفى عليك مكانه فاغسل الثوب كله وخبره الاخر قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المذي يصيب الثوب فيلتزق به قال يغسله ولا يتوضأ وفيه مع معارضتهما بالمستفيضة الدالة على الطهارة التي تقدم جملة منها في باب النواقض التي وقع في بعضها التصريح بنفي البأس عنه وفى بعضها انه لا ينقض الوضوء ولا يغسل منه ثوب ولا جسد انما هو بمنزلة النخامة والبصاق ان الامر بالغسل في الروايتين محمول على الاستحباب كما يشهد له رواية أخرى عن الحسين أيضا قال سئلت أبا عبد الله عن المذي يصيب الثوب قال لا بأس به فلما رددنا عليه قال تنضحه بالماء و صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المذي يصيب الثوب قال ينضحه بالماء ان شاء هذا مع احتمال صدورهما
(٥٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 ... » »»